الأربعاء، 22 يونيو 2016

مجموع الردود على العقلاني المعتزلي «عدنان إبراهيم» - للشيخ بدر العنزي

مجموع الردود على العقلاني المعتزلي «عدنان إبراهيم»

الرد الأول: على العقلاني عدنان إبراهيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

أرسل لي بعض المشايخ الفضلاء مقطعاً صوتياً للعقلاني عدنان إبراهيم ، ذكر في مقطعه أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وعمرها إحدى وعشرين سنة لا تسع سنين ، واستدل بأدلة أوهى من بيت العنكبوت ، هي:

قوله: بأن زواج النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة وهي بنت تسع هذا يخالف العقل.اهـ

يجاب عنه: أن هذا هو قول عامة أهل الزيغ والضلال يقدمون العقل على النقل ، وهذا من اتباع الهوى.
قال تعالى (أفرءيت من اتخذ إلـٰهه هوىٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) فهؤلاء أهل كلام يقدمون أهوائهم على النصوص.
وقوله هذا مخالف لإجماع الأئمة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين.
قال الإمام ابن عبدالبر في الاستيعاب(4/356): تزوج النبي عليه الصلاة والسلام عائشة وبنى بها وهي بنت تسع لا أعلم مختلف في ذلك.اهـ

قوله: رواية عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوجها وهي بنت تسع سنين ، لم يروها أحد من أهل المدينة من تلاميذ هشام بن عروة وإنما رواها أهل العراق فأين تلاميذ هشام منها؟اهـ

يجاب عنه: بأن الراوي قد يحدث في موضع دون موضع ، وقد يحفظ حديثه بعض طلابه دون بعض.
وهذا ليس بغريب، فكم من حديث لشيخ مكثر لم يروه عنه إلا شخص واحد وكم من شيخ حدث أمام الملأ ولم يحفظ حديثه سوى واحد ،
كحديث عمر رضي الله عنه(إنما الأعمال بالنيات)
قاله على المنبر ولم يروه عنه سوى علقمة بن وقاص الليثي.
وهذا ليس بمستغرب وهو كثير في كتب الحديث ،
يتفرد راوٍ عن راوٍ ويتفرد أهل بلد عن راوٍ ، فتجد المدني يتفرد بالرواية عن شيخ مصري وتجد أهل الشام يتفردون بالرواية عن شيخ مكي ، وهكذا ، ولم َيرد الأئمة هذه التفردات بل قبلوها.

قوله: بأن حديث هشام رواه عنه العراقيون فقط ورواية العراقيين عنه لا تثبت.اهـ

يجاب عنه: بأن رواية العراقيين عن هشام مخرجه في الصحيحين ، وهما أصح كتب الحديث بلا خلاف ، وقد أنعقد الإجماع على صحة كل ما فيهما.

- تخرج حديث هشام وذكر متابعاته وشواهده:
حديث هشام:
رواه البخاري(3896) ومسلم(1422)عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت(بنى بها النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين)
ورواه البخاري (3894) من طريق علي بن مسهر عن هشام.
ورواه أيضاً(5133) من طريق سفيان عن هشام.
ورواه أيضاً(5134)من طريق وهيب عن هشام
ورواه مسلم(1422)من طريق عبده بن سليمان عن هشام.
ورواه أبو داود(2121) من طريق حماد بن زيد عن هشام.
ورواه النسائي(3255)من طريق أبي معاوية عن هشام.

- متابعة الزهري لهشام روى مسلم (1422) عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة (أنها زفت للنبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين) وهذه متابعة تامة.

- متابعة إبراهيم النخعي لهشام رواه مسلم (1422) والنسائي (3258) عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (تزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي بنت ست وبنى بها وهي بنت تسع)، وهذه متابعة قاصرة.

- وله شاهد عن ابن مسعود رضي الله عنه.
رواه ابن ماجه (1877) عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال(تزوج النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت سبع وبنى بها وهي بنت تسع)، وهذا رجاله ثقات وفيه انقطاع بين أبي عبيده وأبيه لكنه معتضد بما قبله ، بل وهناك من الحفاظ من قبل رواية أبي عبيدة عن أبيه ، وقالوا بأن أبا عبيدة يروي عن أهل بيته عن أبيه ، وأهل بيت ابن مسعود كلهم ثقات ، فإذا عُلمت الواسطة وكان ثقة قُبل الحديث.

قوله: إن حفظ هشام تغير ، ثم طعن في رواية العراقيين عنه.

يجاب عنه: بأنه قال في أول كلامه(هشام إمام حافظ كبير) ثم بعد ذلك تناقض وطعن في حفظه.
وهذا يدل على أنه يقول ما لا يعلم ويدعي أنه يعلم.
قال ابن حجر في هدي الساري(471):
هشام بن عروة من صغار التابعين مجمع على تثبته ، إلا أنه في كبره تغير حفظه ، فتغير حديث من سمع منه في قدمته الثالثة إلى العراق ، قال يعقوب بن شيبة: هشام ثبت ثقة لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه فأنكر ذلك عليه أهل بلده. والذي نراه أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمع منه فكان تساهله أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه. قلت: هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش كان مالك لا يرضاه ، فقد حكى عن مالك فيه شيء أشد من هذا وهو محمول على ما قال يعقوب ، وقد احتج بهشام جميع الأئمة.اهـ

قوله: (الجارية في اللغة هي من عمرها 11 سنة)، يجاب عنه: أن الجارية في اللغة هي الفتية من النساء.
قاله ابن منظور في اللسان (3/135) والفيزوز آبادي في القاموس (275) وغيرهما والفتية من النساء تشمل من بلغت سن السابعة والثامنة والتاسعة وغير ذلك.

- قوله: (ولدت عائشة قبل البعثة بأربع سنين)

يجاب عنه: أن هذا خلاف ما عليه أهل العلم ، والمعروف أنها ولدت بعد البعثة لا قبلها ولا يعلم أن أحداً من أهل العلم قال بقوله.
قال ابن حجر في الإصابة(4/359): ولدت عائشة رضي الله عنها بعد المبعث بأربع أو خمس سنين.اهـ
قلت وهذا هو المعروف في كتب التراجم.


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
______________________
الرد الثاني: طعن عدنان إبراهيم بالصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

قال عدنان إبراهيم قبحه الله ساخراً في مقطع صوته له في موقعه: معاوية لا أشبع الله بطنه هذه دعوة النبي عليه الصلاة والسلام عليه وأصابته الدعوة ، فهو ليس له إلا الأكل.اهـ

يجاب على قوله من عدة أوجه:
أولاً: أن السخرية بالآخرين محرمة.
قال تعالى: (يـٰٓأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهمـ) الآية.
والسخرية هي الاستهزاء ، يقال هزئ به واستهزأ.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (1747): نهى تعالى عن السخرية بالناس ، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم ، والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له.اهـ

ولاشك أن معاوية رضي الله عنه أعظم قدراً من هذا المستهزيء.

ثانياً: أن السخرية بالآخرين من فعل الجهال.
قال تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركمـ أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجـٰهلين)
فعد السخرين من فعل الجاهلين.

قال العلامة السعدي في تفسيره (46): الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه وهو الذي يستهزئ بالناس ، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله.

ثالثاً: أن السخرية بالصالحين من فعل أهل النفاق:
قال تعالى: ( وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شيـٰطينهمـ قالوا إنا معكمـ إنما نحن مستهزءون)
قال الإمام القرطبي في تفسيره(1/150): أنزلت هذه الآية في ذكر المنافقين.اهـ

رابعاً: أن السخرية بالصحابة أذية لهم ، وأذية الصحابة مما يؤذي النبي عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله بن المغفل رضي الله عنه: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الله الله في أصحابي لا تتخذوا أصحابي غرضاً من أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله)رواه الترمذي(3871)وقال:حديث حسن غريب ، وصححه ابن حبان (7212).
وآذية الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام من كبائر الذنوب ، قال تعالى: ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً).
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرة(1525): والآية عامة في كل من آذاه بشيء فقد آذى الله.اهـ

خامساً: حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له (اذهب وادع لي معاوية) قال: فجئت فقلت: هو يأكل فقال (لا أشبع الله بطنه) رواه مسلم (2604)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (1552): دعاؤه على معاوية: أن لا يشبع حين تأخر ففيه جوابان:
أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد.
والثاني: أنه عقوبة له لتأخره.اهـ.

قلت: والقول الأول أرجح ، وأن هذا الكلام يجري على اللسان ولا يراد منه وقوعه ، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ (ثكلتك أمك يا معاذ)، رواه الترمذي (2616) وقال حديث حسن صحيح.

قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي (7/28): قوله (ثكلتك) بكسر الكاف أي فقدتك، وهو دعاء عليه بالموت على ظاهره ، ولا يراد وقوعه ، بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة.اهـ.

ونظيره أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام لصفية رضي الله عنها لما حاضت (عَقرى حَلقى) رواه البخاري (1762)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح(3/668):
قوله (عقرى حلقى) معناه الدعاء بالعقر والحلق ، ثم معنى عقرى عقرها الله أي جرحها وقيل جعلها عاقراً لا تلد وقيل عقر قومها ، ومعنى حلقى حلق شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها.

وحكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض ، فهذا أصل هاتين الكلمتين ، ثم اتسع العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا: قاتله الله ، وتربت يداه ، ونحو ذلك.اهـ
كتبه
بدر محمد البدر العنزي
_________________________
الرد الثالث: طعن المعتزلي عدنان إبراهيم في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
- قال عدنان إبراهيم في تسجيل صوتي له في موقعه وهو يسخر: من عقيدة أهل السنة عدم شتم معاوية ، فهل عدم سب معاوية أصبح من العقيدة.اهـ

يجاب عن قوله السيء بما يلي:
أولاً: أنه قد استفاض عن النبي عليه الصلاة والسلام نهيه عن سب صحابته ، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على حُرمة سبهم ، وأن سبهم من علامات المبتدعة كالخوارج والنواصب والروافض وغيرهم.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام:( لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)رواه البخاري (3673) ومسلم (2541).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الإسماعيلي كما في صحيح الجامع (6285).

قال ابن عمر رضي الله عنهما: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة) رواه أحمد في فضائل الصحابة (1/57) وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما، رواه عنه ابن بطة بإسناد صحيح كما في شرح الطحاوية لابن أبي العز (669).

قال الإمام مالك: ( الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس لهم إسم أو قال نصيب في اﻷسلام ) السنة للخلال-2/557.

ثانياً: أن عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم: حبهم والترضي عليهم والذب عنهم ، والكف عما شجر بينهم ، ولا يذكرون إلا بجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ، وهم الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه فنعم الصحب لنبيهم عليه الصلاة والسلام قال ابن مسعود رضي الله عنه( نظر الله في قلوب العباد بعد قلب محمد عليه الصلاة والسلام فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه) رواه أحمد وحسنه الألباني كما في الطحاوية(672) ، وهم خير الناس بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لحديث عمران رضي الله عنه في الصحيحين (خير الناس قرني).

قال تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبناً غلاً للذين ءامنوا)، قال الإمام الطحاوي في الطحاوية(467): ونحب أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان… ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق.اهـ

قال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية (490): قوله (فقد برئ من النفاق) لأن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق قصده إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول عليه الصلاة والسلام.اهـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة(134): وإذا رأيت الرجل يطعن على أحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام(إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) قد علم النبي عليه الصلاة والسلام ما يكون منهم من الزلل بعد موته فلم يقل فيهم إلا خيراً ، وقال (ذروا أصحابي لا تفولوا فيهم إلا خيراً.اهـ.

ثالثاً: أن الطعن في معاوية رضي الله عنه طعن في سائر الصحابة رضي الله عنهم.
قال الميموني:( سمعت الإمام أحمد يقول: ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية ، وقال لي: يا أبا الحسن إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بسوء فاتهمه على الإسلام).
رواه ابن بطة في الشرح والإبانة (231) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2359)، وقال المزي في تهذيب الكمال(1/339): سُئل أبو عبدالرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام كمن نقر الباب يريد دخول الدار ، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة.اهـ

ختاماً:
قال إبراهيم بن ميسرة: (ما رأيت عمر بن عبدالعزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناً شم معاوية فضربه أسواطاً)، رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2385).


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
____________________________________

الرد الرابع: إنكار المعتزلي عدنان إبراهيم نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان.

أنكر عدنان إبراهيم في تسجيل صوتي له نزول عيسى عليه السلام ، وقال إنه لا يؤمن بهذا ، وإن الإيمان به هو عقيدة اليهود والنصارى.

يجاب على قوله السيء بما يلي:

أولاً: أن عيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه الله حياً إليه إلى السماء.
قال تعالى: ( بل رفعه الله إليه)، وقال تعالى: ( وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، وقال تعالى: ( إذ قال الله يـٰعسى إني متوفيك ورافعك إلى)، والنوم يسمى وفاة ، قال تعالى: ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها)، وقال تعالى: (وهو الذي يتوفىـٰكم باليل ويعلم ما جرحتمـ بالنهار).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (2/419): وأجمعت الأمة على أن الله عزوجل رفع عيسى إليه إلى السماء.اهـ


ثانياً: تواتر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان ، حكماً عدلاً ويكسر الصليب ويقتل الدجال والخنزير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير) رواه البخاري (3448) ومسلم (155).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ...وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم وإنه نازل... ويلبث بالأرض أربعين سنة ثم يتوفى) رواه أحمد (2/406) والآجري في الشريعة (888) وصححه ابن حجر في الفتح (6/555) والألباني في الصحيحة (2182).

قال الحافظ ابن كثير في النهاية(1/142): ثم ينزل عيسى من السماء قبل يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث المتواترة.

قال المحدث العظيم آبادي في عون المعبود(11/457): تواتر الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء بجسده إلى الأرض عند قرب الساعة وهذا هو مذهب أهل السنة.اهـ

قال المحدث الألباني في في الطحاوية (501): اعلم أن أحاديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام متواتر.اهـ

وإنكار نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان تكذيب لخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، الذي أقسم عليه بقوله: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم)، وهذا الأفاك المعتزلي يكذب ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه ، قال تعالى عن نبيه عليه الصلاة والسلام(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى)، قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، وهذا وعيد شديد لمن يشاقق الرسول.

ثالثاً: أجمع أهل السنة والجماعة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان.
قال الإمام أحمد كما في الطبقات (1/344): والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى بن مريم عليه السلام ويقتله بباب لد.اهـ
قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني في المجحة(2/463): وأهل السنة يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام.اهـ

قال القاضي عياض في شرح مسلم(8/492): ونزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة لصحيح الآثار الواردة في ذلك ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية ومن رأى رأيهم في إنكار ذلك.اهـ

قال العلامة المناوي في فيض القدير(394): وأجمعوا على نزول عيسى عليه السلام نبياً لكنه بشريعة نبيناً محمد عليه الصلاة والسلام.اهـ

وإنكار نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان إنكار لإجماع الأمة على نزوله.
وهذا الأفاك المعتزلي ممن يرد إجماع هذه الأمة ولا يقبله.
قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، قال العلامة القرطبي في تفسيره(3/248): هذه الآية فيها دليل على صحة القول بالإجماع.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره(533): والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الآية الكريمة.اهـ

وأمة النبي عليه الصلاة والسلام لا تجتمع على ضلالة تشريفاً لهم.

قال كعب الأشعري أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول( إن الله قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة)، رواه ابن أبي عاصم في السنة (79) وحسنه بطرقه الألباني في الصحيحة (1331)، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (533): وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ ، وقد ذكرنا منها طرفاً صالحاً في كتاب(أحاديث الأصول) ومن العلماء من ادعى تواتر معناها.اهـ


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
 _______________________________
الرد الخامس: على المعتزلي عدنان إبراهيم بقوله بأن أبا هريرة كان مولعاً برواية الاسرائليات.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأن أبا هريرة كان مولعاً برواية الاسرائليات ، وكان كثيراً ما يحدث عن كعب الأحبار.

يجاب عن قوله بما يلي:
أولاً: هل قال أحد من أئمة الحديث المعتبرين بأن أبا هريرة رضي الله عنه كان مولعاً برواية الاسرائليات؟
الجواب: لم يقل أحد بهذا القول فيما أعلم ، وإنما هي فرية جاء بها أبو رية ومن هو على شاكلته من
من أهل الدجل والافتراء أهل الزيغ والأهواء ، للطعن في السنة النبوية ، وتبعهم على هذه الفرية عدنان إبراهيم.

وأما ما ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ(1/36): قال أبو داود الطيالسي أخبرنا عمران القطان عن بكر بن عبدالله عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي كعباً فجعل يحدثه ويسأله ، فقال كعب:ما رأيت أحداً لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة.اهـ

- عمران القطان وهو ابن داور ، لين الحديث ، وله تفردات لا يتابع عليها.
وقد ذكره ابن عدي في الضعفاء (5/87)
وذكره العقيلي في الضعفاء (3/1014)
وقال الذهبي في الميزان (3/236): عمران القطان ضعفه النسائي وأبو داود وابن معين وقال أحمد:أرجو أن يكون صالح الحديث
وقال يزيد بن زريع:كان حرورياً يرى السيف.اهـ
وذكر ابن حجر في التهذيب (4/381)الخلاف فيه.

- فلا تصح هذه القصة ، وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها بأن أبا هريرة رضي الله عنه كان مولعاً برواية الاسرائليات ، وإنما هي في بيان معرفة أبي هريرة لما في التوراة ، لا إنه حدث عما في التوراة ، وفرق بين الرواية والعلم فتأمل.

ثانياً: أن الهدف من هذه الفرية التي جاء بها عدنان وغيره ، هي التشكيك في كل روايات أبي هريرة رضي الله عنه ، فأرادوا بفريتهم التشكيك في الحديث المرفوع الصريح ،
لكي يقال: هل هو قول النبي عليه الصلاة والسلام أم هو من الاسرائليات التي حدث بها أبو هريرة ولم يفصح.
وأرادوا أيضاً بهذه الفرية رد الحديث المرفوع حكماً بحجت أنه من الاسرائليات وليس له حكم الرفع.
هذا هو قصدهم من هذه الفرية ، أرادوا رد كل روايات أبي هريرة رضي الله عنه لأنه راوية الإسلام وأكثر الصحابة رضي الله عنهم رواية للحديث.
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ(1/36): قال ابن عمر رضي الله عنهما لأبي هريرة رضي الله عنه :(يا أبا هريرة إنك كنت لألزمنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام وأعلمنا بحديثه).

ثالثاً: الكلام عن رواية أبي هريرة عن التابعي كعب الأحبار رحمه الله.
اعلم أن رواية الصحابة رضي الله عنهم عن التابعين نادرة جداً ، كما قال ذلك الذهبي في السير(3/490) ، وهي من رواية الأكابر عن الأصغار ، ولم يرو الصحابة عن التابعين مما قيل عنه إنه من الاسرائليات شيء في الحلال لا والحرام ولا العقائد ونحوها ، وإنما رووا بعض ما جاء عن بني إسرائيل مما لم يخالف شرعنا ، وإذا روى الصحابي عن تابعي فإنه يبين ذلك ولا ينسبه للنبي عليه الصلاة والسلام فقط ، ما لم يكن وهماً وقع لأحد رواة الحديث.

مثال ما وقع فيه وهم من أحد الرواة:
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (1729)
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار عن عبدالله بن فروخ عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة)
قال أبوبكر ابن خزيمة: قد اختلفوا في هذه اللفظة في قوله(فيه خلق آدم) إلى قوله(وفيه تقوم الساعة) أهو عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أو عن أبي هريرة عن كعب الأحبار؟
والقلب إلى رواية من جعل هذا الكلام عن أبي هريرة عن كعب أميل ، لأن محمد بن المثنى حدثنا قال أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أسكن الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة)قال:قلت له:أشيء سمعته من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال بل شيء حدثناه كعب.
وهكذا رواه أبان بن يزيد العطار وشيبان بن عبدالرحمن عن يحيى بن أبي كثير.
قال أبو بكر: وأما قوله(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) فهو عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام لاشك ولا مرية فيه ، والزيادة بعدها(فيه خلق آدم) إلى آخره ، هذا الذي اختلفوا فيه ، فقال بعضهم: عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال بعضهم: عن كعب.اهـ


كتبه:
بدر محمد البدر العنزي
 ___________________________________________
الرد السادس: على المعتزلي عدنان إبراهيم في رده خبر الآحاد.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بعدم العمل بخبر الآحاد لأن دلالته ظنية لا قطعية.
ويجاب عليه بما يلي:
أولاً: أن قوله هذا فيه مخالفة لقول الله تعالى
قال تعالى: ( وما ءاتىٰكم الرسول فخذوه وما نهىٰكم عنه فانتهوا) وهذا لفظ عام يشمل كل ما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام سواء كان متواتراً أو غير متواتر.

ثانياً: أن قوله هذا مخالف لقول النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)، رواه مسلم (1337) عن أبي هريرة.
وهذا لفظ عام يشمل كل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام سواء كان متواتراً أو غير متواتر.

ثالثاً: أن قوله هذا مخالف لإجماع أهل العلم.
فإن الذي عليه أهل العلم أن الحديث إذا صح فقد أفاد العلم والعمل ما لم يكن منسوخاً.
قال الإمام ابن عبدالبر المالكي في التمهيد(1/4): أجمع أهل العلم على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع وعلى هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع شذرمة لا تعد خلاف.اهـ

وقال الخطيب في الكفاية(31): وعلى العمل بخبر الواحد كان عامة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار ذلك.اهـ
وقال الإمام ابن القيم في مختصر الصواعق(1/332): ومعلوم ومشهور استدلال أهل السنة بأحاديث الآحاد فهذا إجماع منهم على قبول أحاديث الآحاد.اهـ
وقال الحافظ بدرالدين العيني الحنفي في نخب الأفكار (7/68): مذهب فقهاء الأمصار أن خبر الواحد تقوم به الحجة ويجب به العمل في أمور الدين.اهـ


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
 ____________________________
الرد السابع: على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره أحاديث الدجال.

قال المعتزلي عدنان إبراهيم في مقطع صوتي له: بأن أحاديث الدجال مكذوبة وهي أقاويل اليهود موجودة في كتبهم.

يجاب عليه بما يلي:

أولاً: التعريف بالدجال:
الدجال من الدجل وهو التغطية وسمي الكذاب دجالاً لأنه يغطي الحق بباطله.
وسمي الدجال بالمسيح : لمسح إحدى عينيه.
كما جاء في صحيح مسلم(2933) عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً: (الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرؤه كل مسلم)

والدجال رجل يدعي الربوبية ، ويعطيه الله تعالى من الآيات كما جاء في الأحاديث ما يكون سبباً للفتنة وما من نبي من الأنبياء إلا وحذر أمته من فتنة الدجال ، قال أنس رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام(ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب) رواه البخاري (7131) ومسلم (2933).

وخروجه من علامات الساعة الكبرى.
قال حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات...) وذكر (الدجال) رواه مسلم (2901).

ويمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول بمقدار سنة والثاني بمقدار شهر والثالث بمقدار أسبوع وبقية الأيام كأيامنا.
قال النواس بن سمعان رضي الله عنه ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام الدجال ذات غداة قال:(يخرج ما بين الشام والعراق فعاث يميناً وشمالاً )
قلنا:يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: (أربعين يوماً ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم)، رواه مسلم (2937) وأبوداود (4321) والترمذي (2390).

ثم ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ويقتل الدجال بباب لد.
قال مجمِّع الأنصاري رضي الله عنه سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول(يقتل ابن مريم الدجال بباب لُد) رواه الترمذي (2394) وقال: حديث صحيح ؛ وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة وأبي برزة وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان.اهـ

ثانياً: تواتر أحاديث الدجال:

- قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(3/411): ومن التواتر المعنوي أخبار الدجال.اهـ
- وقال العلامة الكتاني في نظم المتواتر(290): أحاديث خروج المسيح الدجال. ذكر غير واحد أنها واردة من طرق كثيرة صحيحة عن جماعة من الصحابة ، وفي التوضيح للشوكاني منها مائة حديث وهي في الصحاح والمعاجم والمسانيد ، والتواتر يحصل بدونها فكيف بمجموعها ، وقال بعضهم أحاديث الدجال تحتمل مجلدات وقد أفردها غير واحد من الأئمة بالتأليف.اهـ
- وقال المحدث الألباني في قصة الدجال(13): أحاديث الدجال متواترة.اهـ
- وجاء في فتاوى هيئة كبار العلماء(3/105): أحاديث ظهور الدجال صحيحة صريحة متواترة.اهـ

ثالثاً: إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان بخروج الدجال في آخر الزمان.

قال الإمام أحمد كما في الطبقات(1/344): والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام ويقتله بباب لد.اهـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة(184): والإيمان بالمسيح الدجال وبنزول عيسى ابن مريم ينزل فيقتل الدجال.اهـ

وقال الحافظ النووي في شرح مسلم(2932): قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من أحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له ، وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ، ويقتله عيسى عليه السلام
هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة.اهـ

ونقل العلامة حمود التويجري في إتحاف الجماعة (3/90): إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان بخروج الدجال.

رابعاً: من أنكر خروج الدجال:
لم ينكر خروج الدجال سوى طوائف من أهل البدع من المعتزلة والخوارج والفلاسفة وقالوا بأن أحاديث الدجال خيالات لا حقيقة لها ، وكذا قال الكذاب الدجال ميرزا غلام أحمد القادياني الهندي مدعي النبوة وأصحابه ، وتابعهم على هذه العقيدة الفاسدة عدنان إبراهيم المعتزلي فأنكر نزول عيسى عليه السلام وأنكر خروج الدجال.

وخالفوا بعقولهم الضالة المنحرفة ، ما تواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام وما أجمعت عليه الأئمة بخروج الدجال في آخر الزمان.
قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)
وهذه الآية في بيان خطر مخالفة ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام وخطر مخالفة إجماع الأمة.


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
 ________________________________
الرد الثامن: على المعتزلي عدنان إبراهيم

في إنكاره النسخ في القرآن.



قال المعتزلي عدنان إبراهيم: النسخ لا يكون في القرآن.



يجاب عليه بما يلي:



أولاً: معنى النسخ:

النسخ لغة: الرفع والإزالة والنقل.

وشرعاً: هو رفع حكم شرعي متقدم بحكم شرعي متأخر.



ثانياً: الإجماع على وقوع النسخ:

أجمع أهل الإسلام على وقوع النسخ في القرآن والسنة.

قال تعالى( ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير)



قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه(ما ننسخ من ءاية) ما نبدل من آية.

وابن جريج عن مجاهد:( ما ننسخ من ءاية) أي: ما نمح من آية.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد(ما ننسخ من ءاية)قال: نثبت خطها ونبدل حكمها.حدّث به عن أصحاب عبدالله بن مسعود.

(ذكره ابن كثير في تفسيره-181)



قال الإمام الزركشي في البرهان(2/32): لا خلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب.اهـ



قال العلامة المرداوي في التحرير(261): أهل الشرائع على جوازه عقلاً ووقوعه شرعاً وخالف أكثر اليهود في الجواز وأبو مسلم في الوقوع.اهـ



قال الحافظ السيوطي في الإتقان في علوم القرآن(2/89): النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير ، وقد أجمع المسلمون على جوازه ، وأنكره اليهود ظناً منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له. وهو باطل ؛ لأنه بيان مدة الحكم ، كالإحياء بعد الإماتة وعكسه ، والمرض بعد الصحة وعكسه ، والفقر بعد الغنى وعكسه ، وذلك لا يكون بداء ، فكذا الأمر والنهي.اهـ



ثالثاً: من أنكر النسخ:

لم ينكر النسخ سوى اليهود وتابعهم أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني المعتزلي وتابعه عدنان إبراهيم المعتزلي

وكلهم محجوج ، فاليهود محجوجون بما جاء في التوارة من النسخ والأصفهاني وعدنان محجوجون بالإجماع على جواز النسخ.



قال الإمام القرطبي في تفسيره(2/45): أنكرت طوائف من المنتمين للإسلام المتأخير جواز النسخ وهم محجوجون بإجماع السلف السابق على وقوعه في الشريعة ، وأنكرته أيضاً طوائف من اليهود وهم محجوجون بما جاء في توراتهم بزعمهم أن الله تعالى قال لنوح عليه السلام عند خروجه من السفينة: إني قد جعلت كل دابة مأكلاً لك ولذريتك وأطلقت ذلك لكم كنبات العشب ما خلا الدم فلا تأكلوه ، ثم قد حرّم على موسى عليه السلام وعلى بني إسرائيل كثيراً من الحيوانات ، وبما كان آدم عليه السلام يزوج الأخ من الأخت وقد حرم الله ذلك على موسى عليه السلام وعلى غيره ، وبأن إبراهيم الخليل عليه السلام أمر بذبح ابنه ثم قال له:لا تذبحه.اهـ



رابعاً: يكون النسخ إلى بدل ، وإلى غير بدل:

النسخ يكون إلى بدل ويكون إلى غير بدل.

-مثال النسخ إلى بدل:

نسخ استقبال بيت المقدس إلى مكة في الصلاة ، قال تعالى(قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضىـٰها فول وجهك شطر المسجد الحرامـ وحيث ما كنتمـ فولوا وجوهكم شطره)



-مثال النسخ إلى غير بدل:

نسخ تقديم الصدقة بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام لمن أراد أن يناجيه أي يحدثه سراً ، قال تعالى( يـٰأيها الذين ءامنوا إذا نـٰجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجوىـٰكم صدقة) نسخت بقوله تعالى( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجوىـٰكم صدقـٰت فإذ لمـ تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلوٰة وءاتوا الزكوٰة)



خامساً: أقسام النسخ في كتاب الله:

ينقسم النسخ في كتاب الله إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه.

مثاله ( إن يكن منكم عشرون صـٰبرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهمـ قوم لا يفقهون)

نسخها قوله تعالى( الئـٰن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين)

الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه.

مثاله: آية الرجم ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: ما أجد الرجم في كتاب الله ، وقد قرأتها : (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله) رواه ابن ماجه(2553) وصححه الألباني.

الثالث: ما نسخ لفظه وحكمه.

مثاله: قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن) رواه مسلم(1452)

كتبه:
بدر محمد البدر العنزي  
_________________________________________
الرد التاسع: على عدنان إبراهيم بقوله إن الصحيحين فيهما أحاديث ضعيفة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

قال عدنان إبراهيم :(بأن الصحيحين فيهما أحاديث ضعيفة وليس كل ما في الصحيحين صحيح).اهـ

من المعلوم أن أول من صنف في الصحيح المجرد هو الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري
وتبعه صاحبه وتلميذه مسلم بن الحسين النيسابوري.
قال العلامة شمس الدين التبريزي في فن أصول المصطلح(58): أول من صنف في الصحيح المجرد العاري عن الحسن والضعيف ، هو الإمام البخاري ثم الإمام مسلم.اهـ
وصحيح البخاري وصحيح مسلم ، أصح كتب الحديث على الاطلاق.
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(29):
وكتابهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز.اهـ

وقد أجمع أهل العلم على صحة كل ما في الصحيحين ، وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة النقاد.

قال الحافظ الزركشي في النكت على المقدمة(59): وكتاباهما - أي كتاب البخاري ومسلم - أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز ، قال النووي: باتفاق العلماء.اهـ

وقال العلامة الزرقاني في شرح البيقونية(17):
اتفقوا على أن أصح الحديث ما اتفق على اخراجه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم.اهـ

وأجمع أهل العلم أيضاً على تلقي ما في الصحيحين بالقبول.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة(86): اتفق العلماء على تلقي كتابيهما- أي كتاب البخاري وكتاب مسلم- بالقبول.اهـ

وقال أيضاً في هدي الساري(501): ادعى الإمام أبو عمرو بن الصلاح وغيره الاجماع على تلقي هذا الكتاب - أي صحيح البخاري - بالقبول والتسليم لجميع ما فيه.اهـ

وقال العلامة الصنعاني في إسبال المطر(65): اتفق العلماء بعدهما - أي بعد البخاري ومسلم - على تلقي كتابيهما بالقبول ، واختلاف بعضهم في أيهما أرجح ، فما اتفقا عليه أرجح من هذه الحيثية مما لم يتفقا عليه.اهـ


- وقال عدنان أيضاً : ( بأن بعض العلماء ضعفوا أحاديث في الصحيحين)

يجاب على قوله:

بأن ما أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحيه لا يخلو من حالتين:
أولاهما: ما أخرجاه في الشواهد والمتابعات أو ذكراه معلقاً ، فهذا ليس من شرط الصحيح عندهما ، وغالب الأحاديث التي انتقدت عليهما من هذا الصنف.

قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي(141):
مسلم قد يروي عن الرجل في المتابعات ما لا يرويه فيما انفرد به، ولهذا كان كثير من أهل العلم يمتنعون أن يقولوا في مثل ذلك هو على شرط مسلم أو البخاري.اهـ

ثانيهما: ما أخرجاه في أصول الصحيحين.
وهذا الانتقاد عليه قليل جداً ، فقد يرى الناقد أن هذا الحديث معلول أو فيه زيادة شاذة أو قصّر فيه راويه ، ويرى الشيخان خلاف ذلك ، وغالباً ما يكون القول فيه هو قول البخاري ومسلم
كما هو معروف ، لإمامتهما وسعة علمهما وأنهما من أئمة العلل النقاد ، ويروى أن البخاري عرض كتابه على كبار الأئمة في ذلك الزمان وهم أحمد وابن المديني وابن معين وأقروه سوى أربعة أحاديث انتقدوها عليه ورجح العقيلي أن الصواب مع البخاري ، وأن مسلماً عرض كتابه على أبي زرعة فكل ما قاله عنه أبو زرعه صحيح أخرجه وما قال عنه سوى ذلك لم يخرجه.

قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري(7): قال العقيلي:لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم
فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث ، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة.

وقال الحافظ ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم(10): بلغنا عن مكي بن عبدان قال سمعت مسلماً يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي ، فكل ما أشار أن له علة تركته ، وكل ما قال أنه صحيح وليس له علة أخرجته.اهـ

كتبه:
بدر محمد البدر العنزي 
_____________________________
الرد العاشر: على المعتزلي عدنان إبراهيم بطعنه في التابعي همام بن منبه وصحيفته

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

قال المعتزلي عدنان إبراهيم:( همام بن منبه يهودي روى عن أبي هريرة أحاديث إسرائلية رواها البخاري وغيره منها حديث( خلق الله آدم على صورته)

يجاب عن فريته بما يلي:

أولاً: من هو همام بن منبه:
هو أبو عقبة همام بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني.
تابعي من أوسط التابعين ، وثقه ابن معين وغيره.
روى عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم
وروى عنه أخوه وهب ومعمر بن راشد وغيرهما.
أخرج له الجماعة.
توفي (131 هـ)

ثانياً: صحيفة همام:
صحيفة همام سمعها من أبي هريرة رضي الله عنه ، ورواها عنه معمر بن راشد الأزدي
ورواه عن معمر:عبدالرزاق الصنعاني ، ورواها الأئمة عن عبدالرزاق.

قال الحافظ ابن حجر في التهذيب(11/59):قال الميموني عن أحمد: كان همام يغزو وكان يشتري الكتب لأخيه وهب فجالس أبا هريرة فسمع منه أحاديث وهي نحو من أربعين ومائة حديث بإسناد واحد، وأدركه معمر وقد كبر وسقط حاجباه على عينيه فقرأ عليه همام حتى إذا مل أخذ معمر فقرأ الباقي.اهـ

وهذه الصحيفة تعتبر من أوائل ما كتب من الحديث النبوي.
قال المحدث أحمد شاكر في حاشيته على المسند(8/181):هذه الصحيفة من أوائل ما كتب من الحديث النبوي وهي تعتبر تأليفاً مستقلاً بكتابة همام إياها والظاهر من الروايات أنه كتبها عن أبي هريرة مباشرة أعني أنه كتبها في حياته.اهٓ

ثالثاً: درجة صحيفة همام.
هي صحيفة صحيحة وسندها من أصح أسانيد اليمانيين ، وتلقاه الأئمة بالقبول.
قال الحافظ الذهبي في السير(5/312):
همام صاحب تلك الصحيفة الصحيحة التي كتبها عن أبي هريرة وهي نحو من مائة وأربعين حديثاً حدث بها عنه معمر.اهـ
وعد الذهبي في الموقظة(10) من مراتب الصحيح: رواية معمر عن همام عن أبي هريرة.

واتفق الشيخان على رواية جملة من أحاديث صحيفة همام ، وانفرد البخاري منها بعدة أحاديث ، وانفرد مسلم بعدة منها.

رابعاً: متابعة الأعرج لهمام.
روى عبدالرحمن بن هرمز الأعرج التابعي الثقة
هذه الصحيفة عن أبي هريرة.
- قال المحدث أحمد شاكر في حاشيته على المسند (8/185) الأحاديث التي رواها همام عن أبي هريرة، رواها أيضاً الأعرج عن أبي هريرة
وهذا يدل على أن هماماً والأعرج كلاهما قد كتب الصحيفة عن أبي هريرة وسمعها منه، فتكون الصحيفة مروية عن أبي هريرة بإسنادين من وجهين متباعدين.
وقد وصلت صحيفة همام عن أبي هريرة إلى البخاري كما وصلت إليه أيضاً صحيفة الأعرج عن أبي هريرة.اهـ

ومتابعة الأعرج لهمام تعد صفعة في وجه هذا المعتزلي ، وترد على دعواه أن هماماً انفرد بالصحيفة ، وهذا دليل واضح في بيان جهل عدنان إبراهيم وعدم معرفته لعلم الحديث ، وإنما هو رجل يقول ما لا يعلم ويدعي أنه يعلم.

ختاماً: سؤال لهذا المعتزلي:
مَن مِن الأئمة الحفاظ طعن في صحيفة همام ، أو ضعف همام أو قال إن صحيفته روى فيها جملة من الاسرائليات؟
الجواب: لن يجد أحداً يطعن فيها أبداً ، أو يطعن في همام أو قال إن فيها جملة من الاسرائليات
، وإنما أراد هذا المعتزلي التشكيك في السنة النبوية الصحيحة كعادته ،قال تعالى (كبرت كلمة تخرج من أفوٰههمـ إن يقولون إلا كذبًا)

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
___________________________________
الرد الحادي عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم في قوله: إن عدم جواز الطعن بالصحابة هي فكرة أموية جاؤا بها لكي لا يسب معاوية.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

قال المعتزلي عدنان إبراهيم: ( إن عدم جواز الطعن بالصحابة هي فكرة أموية جاؤا بها لكي لا يسب معاوية )

يجاب عليه :

أولاً: سب الصحابة رضي الله عنهم ، علامة من علامات أهل البدع كالروافض والخوارج والنواصب وأصحابه المعتزلة ومن سلك مسلكهم من أهل الزيغ والضلال.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(4/365):
قال ابن السمعاني: التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله بل هو بدعة وضلالة.اهـ

وقال العلامة الشوكاني في نثر الجوهر(107): فإنه لم يعادهم - أي الصحابة - ويتعرض لأعراضهم المصونة إلا أخبث الطوائف المنتسبة إلى الإسلام ، وشر من على وجه الأرض من أهل هذه الملة ، وأقل أهلها عقولاً ، وأحقر أهل الإسلام علوماً ، وأضعفهم حلوماً ، بل أصل دعوتهم لمكيدة الدين ، ومخالفة شريعة المسلمين ، يعرف ذلك من يعرفه ويجهله من يجهله.اهـ

ثانياً: حب الصحابة والترضي عنهم وذكرهم بالجميل والكف عما شجر بينهم ، أصل من أصول الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة وهو مما أمر الله به وأمر به رسوله عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى: ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبناً غلاً للذين ءامنوا)

وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
(الله الله في أصحابي لا تتخذوا أصحابي غرضاً من أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله)رواه الترمذي(3871) عن عبدالله بن المغفل ، وقال:حديث حسن غريب ، وصححه ابن حبان(7212)

ثالثاً: النهي عن سب الصحابة ليس بدعة أموية كما قال عدنان إبراهيم ، بل هو مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد استفاضة الأحاديث في النهي عن سبهم رضي الله عنهم.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( لا تسبوا أصحابي
فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولو نصيفه )
رواه البخاري(3673) ومسلم(2540)

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( آية النفاق بغض الأنصار وآية الإيمان حب الأنصار ) رواه مسلم(128)

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ) رواه مسلم(130)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الطبراني (3/174)
وحسنه السيوطي والألباني في الجامع(6285)

وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( أحسنوا إلى أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
رواه أحمد في المسند(1/98) وصححه أحمد شاكر.

وقال ابن عمر رضي الله عنهما:( لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة)
رواه أحمد في فضائل الصحابة(1/57) وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ، رواه عنه ابن بطة بإسناد صحيح كما في شرح الطحاوية لابن أبي العز(669)

- وقد صنف الإمام الحافظ ضياء الدين المقدسي كتاباً في النهي عن سب الصحابة سماه :
( النهي عن سب الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب ) جمع فيه النصوص وأقوال السلف في النهي عن سبهم رضي الله عنهم.

فمن سب الصحابة رضي الله عنهم أو لعنهم أو انتقص قدرهم قد عصا النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (لا تسبوا أصحابي) وهذا نهي ، والنهي للتحريم ، فمن سبهم فقد خالف نهيه عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) الضمير في قوله : (عن أمره)
راجع إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وقيل إلى الله عزوجل ، والمعنى واحد ، لأن الأمر من الله عزوجل ، والنبي عليه الصلاة والسلام مبلغ عن الله. قال الإمام الزهري:( من الله الرسالة على رسول الله البلاغ وعلينا التسليم)
علقه البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى(6/500): قال الإمام أحمد: إذا لم نُقر بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ودفعناه رددنا على الله أمره ،
قال الله:( وما ءاتىٰكم الرسول فخذوه وما نهىٰكم عنه فانتهوا)

رابعاً: حكم سب الصحابة.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح لمعة الإعتقاد(94): سب الصحابة على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم أو أن عامتهم فسقوا ، فهذا كفر ، لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم ، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين ، لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار فساق.

الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح ، ففي كفره قولان لأهل العلم ، وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال.

الثالث: أن يسبهم بما لا يقدح في دينهم كالجبن والبخل ، فلا يكفر ، ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك.اهـ


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
 ___________________________________________________
الرد الثاني عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره خروج المهدي


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأن خروج المهدي في آخر الزمان خرافة من الخرافات وأن الأحاديث التي جاءت بذكر المهدي كلها كذب.

- يجاب عليه بما يلي:

أولاً: اعلم أن أهل الإسلام يعتقدون في المهدي أنه : رجل من ولد فاطمة ، اسمه محمد بن عبدالله ، كما جاء في الأحاديث الثابتة ، وهو من ولد الحسن بن علي.
قال الإمام ابن القيم في المنار المنيف(139): وفي كون المهدي من ولد الحسن سر لطيف ، وهو أن الحسن رضي الله عنه ترك الخلافة لله ، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة ، وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه.اهـ

وأنه يخرج في آخر الزمان ، وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلاً ، وقيل خروجه قبل نزول عيسى عليه السلام.

قال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي)
رواه الترمذي(2235) وقال: هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة.

وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه(6/247): المهدي وردت الأحاديث المستفيضة بذكر المهدي وأنه يكون في آخر الزمان.اهـ

وذكر الخلوتي في كتابه : سواء السراط لشأن الأشراط(2/5) أن خروج المهدي من أشراط الساعة.اهـ

وقال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي(6/92): اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي.اهـ

ولم ينكر خروج المهدي سوى ميرزا أحمد غلام القادياني مدعي النبوة ، وتابعه المعتزلي عدنان إبراهيم ، وهذا ليس بغريب منه فإنه يأخذ بقول كل من يوافق هواه ، ليطعن في الدين الإسلامي ويشكك فيه ويلبس على المسلمين.


توضيح:
المهدي عند أهل الإسلام ليس هو المهدي المنتظر الذي تنتظر خروجه الرافضة من سرداب في سامراء كما يزعمون.
قال الحافظ ابن كثير في النهاية(1/40):
المهدي هو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وليس بالمنتظر الذي تزعم الروافض وترتجي ظهوره من سرداب في سامراء فإن ذاك ما لا حقيقة له ولا عين ولا أثر.اهـ

ثانياً: اعلم أن أحاديث خروج المهدي من الأحاديث المتواترة.
قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في التحفة(6/93): قال الشوكاني في الفتح الرباني: الذي أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدي خمسون حديثاً وثمانية وعشرون آثراً ؛ ثم سردها مع الكلام عليها ، ثم قال: وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر.اهـ

وقال العلامة الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر(289): خروج المهدي الموعود ، وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة، والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث ، ونقله عن أبي الحسن الأبري وقد تقدم نصه أول هذه الرسالة ، وفي تأليف لأبي العلاء إدريس محمد العراقي في المهدي: هذا أن أحاديثه متواترة أو كادت ، قال: وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد.اهـ

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة(3/101): الأحاديث التي دلت على خروج المهدي كثيرة وردت من طرق متعددة ورواها عدد من أئمة الحديث وذكر جماعة من أهل العلم أنها متواترة معنوياً منهم أبو الحسن الآبري من علماء المائة الرابعة والعلامة السفاريني في كتابة لوامع الأنوار البهية والعلامة الشوكاني في رسالة سماها( التوضيح في تواتر أحاديث المهدي والدجال والمسيح)اهـ

وقد جمع الإمام أبو نعيم أحاديث المهدي في كتاب ولخصه السيوطي وحذف إسانيده في جزء سماه( العرف الوردي في أخبار المهدي) ضمنه في كتابه الحاوي(2/57)

- وقال عدنان إبراهيم: ( وضعف أحاديث خروج المهدي كلها الجورقاني وابن الجوزي وابن خلدون وابن بدران وقالوا لا يصح في المهدي حديث)

يجاب عنه:
أولاً: كتاب الأباطيل للجورقاني عليه بعض الانتقادات من أهل العلم.
قال الكتاني في الرسالة المستطرفة(148): كتاب الموضوعات ويقال له كتاب الأباطيل لأبي عبدالله الحسين بن إبراهيم بن حسين الجورقاني ، قال الذهبي:وهو محتو على أحاديث موضوعة وواهية طالعته واستفدت منه مع أوهام فيه وقد بين بطلان أحاديث واهية بمعارضة أحاديث صحاح لها، وقال غيره: أكثر فيه من الحكم بالوضع بمجرد مخالفة السنة الصحيحة، وقال الحافظ ابن حجر: وهو خطاء إلا أن تعذر الجمع.اهـ

ثانياً: ابن الجوزي لم يضعف كل أحاديث المهدي كما ادعى عدنان بل ضعف بعضاً منها وأثبت بعضها.
قال ابن الجوزي في العلل(2/855):
حديث في خروج المهدي ، فيه عن عثمان وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر وابن عباس وحذيفة وأبي سعيد وأبي هريرة وثوبان وأم سلمة.
ثم قال: وهذه الأحاديث معلولة ، إلا أن فيها ما لا بأس به.اهـ
ومن المعلوم عند المحققين من أهل العلم : أن ابن الجوزي منتقد في حكمه على الأحاديث كما نص على ذلك غير واحد منهم الحافظ أبو العلا المباركفوري في مقدمة التحفة(200)

ثالثاً: ابن خلدون لم يضعف كل أحاديث المهدي
كما ادعى عدنان إبراهيم ، وإنما ضعف بعضاً منها وأثبت بعضا ، كما في كتابه التاريخ(1/313).
وابن خلدون كما هو معروف عند المحدثين ليس من أئمة الحديث المعتبرين الذين تؤخذ أقوالهم في التصحيح والتضعيف.
وقد خطأه الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي (6/93)

رابعاً: العلامة ابن بدران الحنبلي من فقهاء الحنابلة المتأخرين وليس هو من أهل الحديث المعتبرين الذين تؤخذ أقوالهم في التصحيح والتضعيف ، بل ولم أقف على قول ابن بدران في تضعيفه لأحاديث المهدي.


وقال عدنان إبراهيم أيضاً: ( بأن البخاري ومسلم لم يخرجا أحاديث المهدي لأنها معلولة عندهم)

يجاب عليه من وجهين:
الأول: أين أعل البخاري ومسلم أحاديث خروج المهدي؟ ومن سبقك إلى هذه المقولة؟

الثاني: من المعلوم عند المحدثين أن البخاري ومسلم لم يستوعبا الأحاديث الصحيحة في صحيحيهما بل تركا أحاديث كثيرة صحيحة على شرطهما لم يخرجها خشية الإطالة وبغيت الاختصار.
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(61): لم يستوعبا البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما ولا التزاما ذلك ، فقد روينا عن البخاري أنه قال:ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول ، وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا -يعني في كتاب الصحيح- وإنما وضعت ما ههنا ما أجمعوا عليه.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(23): البخاري ومسلم لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في هدي الساري(7): روى الإسماعيلي عن البخاري قال: لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحاً وما تركت من الصحيح أكثر.

وبهذا يتضح لكل عاقل ، جهل المدعو عدنان إبراهيم الذي يرد ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ولا يقبله ، حاله حال غيره من أهل الزيغ والضلال ، الذين يشككون في الدين لهوى في أنفسهم.


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
 ____________________________
الرد الثالث عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم بطعنه في صحة حديث ( خلق الله آدم على صورته )



قال المعتزلي عدنان إبراهيم: حديث( إن الله خلق آدم على صورته ) هذا من الإسرائليات التي جاء بها همام بن منبه ، وفي رواية( على صورة الرحمن) كيف يقال خلقه على صورته.





يجاب على هذا المعتزلي بما يلي:



حديث( خلق الله آدم على صورته ) ليس هو من الاسرائليات كما يدعي عدنان ، بل هو من أحاديث الصفات الثابتة في السنة المطهرة.



وحديث همام

رواه أحمد في مسنده(8156)والبخاري في صحيحه(3326)

ومسلم في صحيحه(2841)وابن حبان في صحيحه(6129)

واللالكائي في شرح أصول إعتقاد أهل السنة(712)

عن عبدالرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام( خلق الله آدم على صورته…)



وقد توبع همام على رواية هذا الحديث ، فقد تابعه جملة من الرواة عن أبي هريرة منهم:



1- تابعه الأعرج.

رواه عبدالله بن أحمد في السنة(1100)وابن حبان في صحيحه(5605)والآجري في الشريعة(721)

عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.



2- وتابعه أبي عثمان التبان.

رواه عبد بن حميد في مسنده(1427)

وابن خزيمة في التوحيد (43)

عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة به.



3- وتابعه أبي أيوب المراغي.

رواه ابن خزيمة في التوحيد(40)

واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة(713)

عن قتادة عن أبي أيوب عبدالملك بن مالك المراغي عن أبي هريرة مرفوعاً( إذا قاتل أحدكم فيجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)



4- وتابعه سعيد المقبري.

رواه أحمد في مسنده (7414)ابن أبي عاصم في السنة(519) وابن خزيمة في التوحيد(35)والآجري في الشريعة(723) واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة(715)

عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا( لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ولا وجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته)

صححه ابن مندة في التوحيد(91).

وقال أحمد شاكر في تحقيق(7414)إسناده صحيح.





وله شاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما

رواه ابن أبي عاصم في السنة(518) وعبدالله بن أحمد في السنة(150) والآجري في الشريعة(725) واللالكائي في شرح أصول أهل السنة(716)

عن جرير عن الأعمش عن حبيب عن عطاء عن ابن عمر مرفوعا( لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)

ورجاله ثقات سوى عطاء بن السائب اختلط بأخره ولا يدرى متى روى عنه حبيب بن أبي ثابت قبل اختلاطه أم بعده ، وصححه بعض الحفاظ رواية حبيب عن عطاء.



وله شاهد مرسل سنده صحيح رواه عبدالله أحمد في السنة(1122) عن أبيه عن عبدالرزاق عن معمر عن قتادة يبلغ به النبي عليه الصلاة والسلام( خلق الله آدم على صورته)



فالحديث لم يتفرد به همام بن منبه كما هو واضح ، بل رواه طائفة عن أبي هريرة رضي الله عنه غير همام ، وله شواهد.



قال الحافظ ابن مندة في التوحيد(90): روى هذا الحديث عن أبي هريرة جماعة غير همام منهم:الأعرج وسعيد المقبري وأبو عثمان التبان وأبو سلمة بن عبدالرحمن وأبو أيوب العتكي وأبو رافع الصائغ وأبو صالح وأبو يونس سليم بن جبير ، وروي عن عبدالله بن عمر وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبدالله وغيرهم.اهـ



وهذا دليل على عدم معرفة هذا المعتزلي بعلم الحديث الشريف وجهله به ، بدعوى تفرد همام بالحديث عن أبي هريرة ، وإن كان تفرد مثله لا يضر لأنه ثقة حافظ ، ولكن قصد عدنان إبراهيم من طعنه في هذا الحديث وغيره من الأحاديث ، هو رد السنة الصحيحة الصريحة في إثبات صفات الله تعالى ومنها صفة الصورة، وهذا هو مذهب أهل التعطيل من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة ومن نحا نحوهم من أهل الزيغ والضلال.



- والضمير في قوله( على صورته) أي على صورة الله سبحانه وتعالى.

لما رواه ابن أبي عاصم في السنة(517) وابن خزيمة في التوحيد(41) والبيهقي في الأسماء والصفات(291)

عن جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر مرفوعاً( لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)

قال الحاكم(3243) : حديث صحيح على شرط الشيخين.

وقال الهيثمي في المجمع(3/417): حديث ابن عمر رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة وفيه ضعف.اهـ



ورواه الدارقطني في الصفات(46)

عن زيد بن أبي الزرقا عن ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً : ( إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن الإنسان على صورة الرحمن)

وابن لهيعة فيه ضعف.



ورواه ابن بطة في الإبانة الكبرى(2575)

عن أبي الأسود عن ابن لهيعة عن أبي يونس عن أبي هريرة مرفوعاً : ( إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإنما صورة الإنسان على صورة الرحمن)

وابن لهيعة في ضعف.



قال القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات(1/81): وقد روى ابن مندة بإسناده عن إسحاق بن راهوية قال: قد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال إن آدم خلق على صورة الرحمن.اهـ



وقال القاضي أيضاً في إبطال التأويلات(1/88)

: قال أحمد كما في رواية أبي طالب: من قال: إن الله خلق آدم على صورته – يعني صورة آدم – فهو جهمي ، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه.

قال أبو يعلى: وهذا من أحمد دليل على صحته.



قال الحافظ الذهبي في الميزان(2/420): حديث صحيح وصححه إسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل.اهـ



وقال الحافظ ابن حجر في الفتح(5/183): رجاله ثقات.اهـ



وصنف العلامة المحدث حماد الأنصاري كتاباً صحح فيه حديث الصورة سماه ( تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن )



وقد أجمع السلف على أن الضمير في قوله( خلق الله آدم على صورته) عائد إلى الله.

قال شيخ الإسلام: هذا الحديث لم يكن بين السلف نزاع في أن الضمير عائد إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك.

( عقيدة أهل الإيمان للتويجري-54)



قال الإمام الآجري في الشريعة-53- باب الإيمان بأن الله عز وجل خلق آدم على صورته بلا كيف.اهـ



وقال الإمام ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث(221):

والذي عندي والله أعلم بأن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلفُ لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت بالقرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد.اهـ



وقال الحافظ الذهبي في الميزان(2/420):

أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء.اهـ



وقال العلامة عبدالله أبا بطين كما في الدرر السنية(3/260) : قال بعض أهل التأويل : الضمير في قوله(صورته) راجع إلى آدم ، وقال بعضهم : الضمير راجع على صورة الرجل المضروب ، ورد هذا التأويل بأنه: إذا كان الضمير عائداً على آدم فلا فائدة في ذلك إذ ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته ، وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها فأي فائدة في الحمل على ذلك؟

ورد تأويله: بأن الضمير عائد على ابن آدم المضروب بأنه لا فائدة فيه إذ الخلق : عالمون بأن آدم خلق على خلق ولده وأن وجهه كوجوههم

فيرد هذا التأويل كله ، بالرواية المشهورة ( لا تقبحوا الوجه فإن آدم خلق على صورة الرحمن)

وقد نص الإمام أحمد على صحة الحديث وإبطال هذه التأويلات ؛ فقال في رواية إسحاق بن منصور(لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته) صحيح .

واللفظ الذي فيه (على صورة الرحمن) رواه الدارقطني والطبراني وغيرهما بإسناد رواته ثقات قاله ابن حجر عن ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وأخرجها ابن أبي عاصم عن أبي هريرة مرفوعاً، وصححه إسحاق ابن راهوية اللفظ فيه (على صورة الرحمن)وأما أحمد فذكر أن بعض الرواة وقفه على ابن عمر وكلاهما حجة.

قال القاضي أبو يعلى: والوجه فيه: أنه ليس في حمله على ظاهره ما يزيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه ، لأننا نطلق الصورة كما أطلقلنا تسمية ذات ونفس لا كالذوات والأنفس ، وقد نص أحمد في رواية يعقوب بن بختان قال(خلق آدم على صورته) لا نفسره ، كما جاء الحديث ، وقال الحميدي لما حدث بحديث (إن الله خلق آدم على صورته) قال: لا نقول غير هذا ، على التسليم والرضى بما جاء به القرآن والحديث ، ولا نستوحش أن كما قال القرآن والحديث.

ثم قال أبابطين: وقد ثبت في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام قال( فأتيهم الله في صورة غير الصورة التي يعرفون ، فيقول أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون)

وفي لفظ آخر( صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيعرفونه) الحديث ؛ فالذي ينبغي في هذا ونحوه إمرار الحديث كما جاء ، على الرضى والتسليم مع اعتقاد أنه:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).اهـ



وصنف العلامة المحدث حمود التويجري كتاباً في بيان إيمان السلف الصالح بحديث الصورة سماه (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن)



كتبه:

بدر محمد البدر العنزي  
________________________________
الرد الرابع عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم بنفيه صفات الله تعالى بدعوى التشبيه.



- قال المعتزلي عدنان إبراهيم عن حديث الصورة

( هذا تشبيه هذا ليس بحديث )



يجاب على تعطيله بما يلي:



أولاً: يقال لهذا المعتزلي: هل أنت أعلم بصفات الله من الله؟

فإن قال إنه أعلم بالله من الله ! فهذا هو الضلال المبين ، وإذا قال إنه ليس بأعلم بالله من الله ،

نقول له: إذا كنت تقر أن الله تعالى أعلم منك فلماذا تنفي ما أثبته لنفسه من صفات. والله سبحانه وتعالى يقول(أأنتم أعلم أم الله)





ثانياً: يقال لهذا المعتزلي: هل أنت أعلم بصفات الله من رسول الله عليه الصلاة والسلام ؟

فإن قال إنه أعلم بالله من رسول الله عليه الصلاة والسلام فهذا هو الضلال المبين ، وإذا قال إن رسول الله عليه الصلاة والسلام أعلم منه بالله، فنقول له: إذا كنت تقر أن رسول الله عليه الصلاة والسلام أعلم منك بالله ، فلماذا تنفي ما أثبته لربه وهو أعلم منك بربه. وقد قال سبحانه تعالى عن رسوله عليه الصلاة والسلام(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)





ثالثاً: الواجب على المسلم أن يثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه من الصفات وما أثبته له نبيه عليه الصلاة والسلام من الصفات ، من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، قال تعالى( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وقال تعالى(ولم يكن له كفؤا أحد)

وها هم الصحابة رضي الله عنهم كان يسمعون من النبي عليه الصلاة والسلام النصوص الواردة في الصفات ولا ينكرونها وهذا إجماع سكوتي منهم.

قال العلامة عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب

كما في الدرر السنية(3/31): الذي عليه أكثر الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن الأمر إذا اشتهر بين الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكره منهم أحد كان إجماعاً.اهـ

فهل أنت أيها المعتزلي أعلم من الصحابة رضي الله عنهم.



قال الآجري في الشريعة(2/297):

حديث ابن عمر( خلق الله ابن آدم صورة الرحمن)

هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف ولما بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما من تقدم من أئمة المسلمين.اهـ



وإثبات صفات ربنا سبحانه وتعالى مما أجمع عليه السلف.

قال الإمام الأوزاعي( كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق سماواته ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته)

رواه البيهقي في الأسماء والصفات(515) وصححه شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية(2/37)



وقال الإمام ابن عبدالبر في التمهيد(7/145):

أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز.اهـ





رابعاً: قولكم في إثبات الصفات: (هذا تشبيه)

يجاب عنه:

أ- أن هذا جناية على النصوص الشرعية ، حيث جعلها هذا المعطل دالة على معنى باطل لا يليق بالله سبحانه وتعالى.



ب- أن هذا قول على الله بغير علم.

قال تعالى( ولا تقف ما ليس لك به علم)

وقال ( أأنتم أعلم أم الله)



ج- أن هذا صرف لكلام الله تعالى عن ظاهره وصرف لكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام عن ظاهره.



د- أن التشبيه هو أن تقول: يد الله كيدي وسمع الله كسمعي وبصر الله كبصري وهكذا.

أما إذا قلت: إن الله له يد تليق به وسمع يليق به وبصر يليق به وهكذا في سائر الصفات ، فهذا يسمى إثباتاً لا تشبيهاً.

قال الترمذي في سننه(662): قال إسحاق بن راهوية: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يدٍ أو سمع كسمع أو مثل سمع ، وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر ، ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تعالى في كتابه( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).اهـ



كتبه:

بدر بن محمد البدر العنزي 
__________________________________________
الرد الخامس عشر: على المعتزلي عدنان إبراهيم في قوله بنظرية داروين في تطور الإنسان من قرد إلى إنسان.

قال المعتزلي عدنان إبراهيم وهو يقرر نظرية داورين: لا ينكر نظرية التطور الإنساني إلا جاهل لا يعرف التطور.

يجاب عليه بما يلي:

أولاً: هذا القول معارض لما جاء في كتاب الله
قال تعالى( ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)
قال ابن عباس رضي الله عنه: ( في أحسن تقريم) في أعدل خلق.
وقال إبراهيم وأبو العالية ومجاهد وقتادة: (في أحسن تقويم)في أحسن صورة.
وقال مجاهد أيضاً: في أحسن خلق.
رواه عنهم الطبري في تفسيره(12/636)
فبيّن سبحانه وتعالى بأنه خلق الإنسان في أحسن صورة وأجمل خلق ، ولم يخلقه قرداً كما ادعى هذا المعتزلي مقرراً لنظرية داروين.

ثانياً: يقال لهذا المعتزلي: كيف عرفت أن أصل الإنسان قرد ، فإن قال إنه شاهد أول الخلق فهذا تكذب لقوله تعالى ( ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) ، وادعى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله قال تعالى: (قل لا يعلم من في السمـٰوات والأرض الغيب إلا الله) ، فإن قال إنه لم يشاهد أول الخلق يقال له: فمن أين أتيت بهذا القول الذي لم تشاهده أنت ولا غيرك من الخلق؟

ثالثاً: يقال لهذا المعتزلي: إن نظرية داروين التي تقول بها ، لم يقل بها أحد من أهل الملة قط ، فإقرارك بهذه النظرية مخالف للكتاب والسنة وما عليه أهل الملة.

وقد سئلت اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز
السؤال التالي رقم(5167): س: هناك من يقول إن الإنسان منذ زمن بعيد كان قرداً وتطور فهل هذا صحيح وهل من دليل؟
الجواب: هذا القول ليس بصحيح ، والدليل على ذلك أن الله بيّن في القرآن خلق آدم فقال تعالى(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) ثم إن هذا التراب بُل حتى صار طيناً لازباً يعلق بالأيدي ، فقال تعالى( ولقد خلقنا الإنسـٰن من سلـٰلة من طين) وقال تعالى(إنا خلقنـهم من طين لازب) ثم صار حمأ مسنوناً ، قال تعالى(ولقد خلقنا الإنسـٰن من صلصـٰل من حمإ مسنون)
ثم لما يبس صار صلصالاً كالفخار ، قال تعالى(خلق الإنسـٰن من صلصـٰل كالفخار)
وصوره الله على الصورة التي أرادها ونفخ فيه من روحه ، قال تعالى(فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له سـٰجدين)
هذه هي الأطوار التي مرت على خلق آدم من جهة القرآن ، وأما الأطوار التي مرت على خلق ذريتة آدم فقال تعالى( ولقد خلقنا الإنسـٰن من سلـٰلة من طين ثم جعلنـٰه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظـٰما فكسونا العظـٰمـ لحماً ثم أنشأنـٰه خلقاً
ءاخر فتبارك الله أحسن الخـٰلقين)
وأما زوجة آدم ( حواء ) فقد بيّن الله تعالى أنه خلقها منه فقال تعالى( يـٰأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكمـ من نفس وٰحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) وبالله التوفيق.اهـ

ختاماً: أثبت الطب الوراثي الحديث ، خلاف نظرية التطور التي جاء بها داروين ، وصنفت مجموعة من الأبحاث والرسائل لعدة من الأطباء في نقض هذه النظرية ، وبيان كذب من قال بها.

كتبه
بدر محمد البدر العنزي
1436/5/22هـ  
_________________________________
الرد السادس عشر: على المعتزلي عدنان إبراهيم بنفيه علو الله تعالى.


قال المعتزلي عدنان إبراهيم: إن الله ليس في العلو وأما قوله تعالى( يخافون ربهم من فوقهم)
وقوله( وهو الذي في السماء) وغيرها من الآيات هذه آيات مشابهة.


يجاب عليه :

بأن علو الله سبحانه وتعالى من الصفات الذاتية التي دل عليها الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطر السليمة.
قال شيخ الإسلام كما في النقض(1/368): قد ثبت بالفطرة التي اتفق عليها أهل الفطر السليمة وبالنقول المتواترة عن المرسلين من الأخبار وما نطقت به كتب الله واتفق عليه المؤمنون بالرسل قبل حدوث البدع : أن الله تعالى فوق العالم ، وثبت أيضاً بالكتاب والسنة والإجماع أنه استوى على العرش ، فالعلو على العالم معروف بالفطرة والمعقول وبالشرع والمنقول.اهـ

وأما قوله: (بأن الله ليس في العلو)

فهذا قول باطل فاسد مخالف للكتاب والسنة المتواترة والإجماع والعقل والفطر السليمة.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى(6/355)في رده على من قال إن الله ليس في العلو : هذا معلوم الفساد بالضرورة الفطرية والعقلية وبالأدلة النظرية وبالضرورة الإيمانية السمعية الشرعية وبالنقول المتواترة المعنوية عن خير البرية وبدلالة القرآن على ذلك في آيات تبلغ مئين وبالأحاديث المتلقاة بالقبول من علماء الأمة في جميع القرون وبما اتفق عليه سلف الأمة وأهل الهدى من أئمتها وبما اتفق عليه الأمم بجبلتها وفطرتها.اهـ


الأدلة الواردة في علو الله تعالى:

1- الكتاب:
قال تعالى( يخافون ربهم من فوقهم)
وقال تعالى( وهو العلي العظيم)
وقال تعالى( سبح اسم ربك الأعلى)
وقال تعالى( إليه يصعد الكلم الطيب)
الصعود إلى أعلى لأنه سبحانه وتعالى عالٍ على خلقه.
وقال تعالى( وهو القاهر فوق عباده)
وقال تعالى( تعرج الملائكة والروح إليه)
والعروج يكون إلى فوق لأنه سبحانه عالٍ على خلقه.
وقال تعالى( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)

2- السنة:
تواترت الأحاديث في إثبات علو الله تعالى فوق خلقه وممن حكى تواترها الذهبي في العلو(1/249) وابن القيم في اجتماع الجيوش(98)

ومن هذه الأحاديث:

روى البخاري(7422) ومسلم(2751) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء)

وروى مسلم(773) عن حذيفة رضي الله عنه أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول إذا سجد(سبحان ربي الأعلى)

وروى مسلم(537) عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للجارية
( أين الله؟ فقال: في السماء. فقال:اعتقها فإنها مؤمنة)


3- الإجماع:
قال الأوزاعي رحمه الله: ( كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ونؤمن بما جاءت به السنة من الصفات )
رواه البيهقي في الأسماء والصفات(408)
وصححه شيخ الإسلام في الفتوى الحموية(43)
وابن القيم في اجتماع الجيوش(43) وقال الألباني في مختصر العلو(183):رواته أئمة ثقات.

وقال الدارمي: ثم إجماع من الأولين والآخرين العالمين منهم والجاهلين أن كل واحد
ممن مضى وممن غبر إذا استغاث بالله تعالى أو دعاه أو سأله يمد يديه وبصره إلى السماء يدعوه منها ، ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم من تحت الأرض ولا من أمامهم ولا من خلفهم ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم إلا من فوق السماء لمعرفتهم أنه فوقهم ، حتى اجتمعت الكلمة من المصلين في سجودهم (سبحان ربي الأعلى) لا ترى أحداً يقول( سبحان ربي الأسفل).اهـ
( الرد على الجهمية-35)


قال الدارمي أيضاً: وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء إلا المريسي الضال وأصحابه ، حتى الصبيان الذين لم يبلغوا الحنث قد عرفوه بذلك إذا حزب الصبي شيء يرفع يديه إلى ربه يدعوه في السماء دون ما سواه.اهـ ( نقض الدارمي على المريسي-1/228)


وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة(116) يقول: ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عزوجل مستوٍ على العرش الذي هو فوق السموات فلو لا أن الله عزوجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض.اهـ


4- العقل:
دل العقل على وجوب صفة الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص ، والعلو صفة كمال ، والسفل صفة نقص ، فوجب لله تعالى صفة العلو وتنزيهه عن ضده.


5- الفطر السليمة:
دلت الفطر السليمة على علو الله تعالى ، فإذا دعا داعٍ رفع يديه إلى السماء واتجه إلى العلو
فلا تجد أحداً إذا دعا يلتفت يميناً وشمالاً وتحت وفوق ولا يلوح بيده في كل جهه ، هذا لا يفعله أحد قط.


- وقول عدنان ( بأن آيات الواردة في علو الله تعالى من المتشابه)

فهذا قول من لا يعرف المحكم من المتشابه
الآيات الوادرة في علو الله تعالى محكمة قطعية الدلالة ، ليست من المتشابه في شيء.
فقوله تعالى(سبح اسم ربك الأعلى) هذا نص محكم في علو الله ، وقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) وهذا نص محكم في علو الله ، فأين المتشابه في هذه الآيات.

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
1436/5/24هـ 
______________________________
-الرد السابع عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم في زعمه أن الصحيحين فيها اسرائليات.


قال المعتزلي عدنان إبراهيم: ( والصحيحان فيهما أحاديث اسرائلية )

يجاب على فريته بما يلي:

أولاً : ما هي الاسرائليات:
الاسرائليات لغة : جمع إسرائيلية ، نسبة إلى إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام.
وقيل إن النسبة فيها إلى بني إسرائيل وهم أبناء يعقوب.

واصطلاحاً: هي الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل من اليهود النصارى.

قولنا: (الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل)
أي أن الاسرائليات هي ما نقل عن كتب بني إسرائيل ، وخرج بهذا ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام عن بني إسرائيل عن طريق الوحي فهذا لا يسمى اسرائليات ، وإنما هو إخبار عن الأمم السابقة تلقاه النبي عليه الصلاة والسلام عن طريق الوحي كحديث (دخلت النار امرآة في هرة) وحديث ( المرأة البغي التي سقت كلباً فغفر الله لها) وغيرها من الأحاديث المخرجة في الصحيحين ، فهذه ليست من الاسرائليات ، لأن الاسرائليات هي ما نُقل عن كتب بني إسرائيل ، وأما ما حدث به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمم السابقة فهذا لا يسمى اسرائليات ، هذا إخبار عن بني إسرائيل تلقاه عن طريق الوحي.

والواجب على كل مسلم أن يصدق بما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام لأنه حق فهو الصادق المصدوق ، وتصديقه فيما أخبر داخل في معنى شهادة(أن محمداً رسول الله)
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب في الأصول الثلاثة(78): ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.اهـ


- ثانياً: يقال لعدنان إبراهيم: ما هي الأحاديث الإسرائليلة التي في الصحيحين ؟ ومَن سبقك بهذا القول؟ وكيف عرفت إنها من الاسرائليات؟

فإن أراد بالاسرائليات ما حدث به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمم السابقة ، فليزم من قوله أن القرآن فيه إسرائليات ، لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الأمم السابقة في القرآن.
وهذا قول باطل وهو ضلال مبين والعياذ بالله.

فإن قال: بأنه لا يعني ما حدث به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمم السابقة.
يقال له : ما هي الاسرائليات التي تقول بأنها في الصحيحين ؟ وكيف عرفت إنها اسرائليات؟

ومما لاشك فيه أن صحيح البخاري وصحيح مسلم هما أصح كتب الحديث المصنفة على الإطلاق ، ونقل غير واحد من الأئمة الإجماع على صحة كل ما فيهما ، وتلقي العلماء لهما بالقبول.
ولم يقل إمام من الأئمة أن الصحيحين فيهما أحاديث اسرائيلية.
وإنما هذه فرية جاء بها عدنان إبراهيم لأمرين:
الأمر الأول: ليطعن في الأئمة النقاد أهل الحديث والآثر بأنه لم يميزوا حديث النبي عليه الصلاة والسلام من حديث غيره ، وهذا باطل مردود عليه، ومن نظر في كتب العلل عرف قدر أهل الحديث ، وأنهم هم أعلم الناس بحديث النبي عليه الصلاة والسلام.

والأمر الثاني: ليطعن في الصحيحين ،
لكي يقال : بأن الصحيحين أُدخل فيها ما ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام ، ليشكك الناس في دينهم ويلبس عليهم ، وهذا هو مراد الفلاسفة التشكيك في الدين والتلبيس على المسلمين.


ثالثاً: أقسام الاسرائيليات:
تنقسم الاسرائليات إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما أقره الإسلام وشهد بصدقه فهذا حق صحيح.
مثاله ما رواه البخاري(4811) ومسلم(2786)عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال:يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك ، فضحك النبي عليه الصلاة والسلام تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله عليه الصلاة والسلام(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيـٰمة والسمـٰوٰت مطويـٰت بيمينه سبحـٰنه وتعـٰلى عما يشركون)

الثاني: ما أنكره الإسلام وشهد بكذبه فهو باطل ويجب علينا أن نكذبه.
مثاله: ما رواه البخاري(4528) ومسلم(1435)
عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها -جاء الولد أحول ، فنزلت(نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)
يعني كانوا يقولون: إذا جامع الرجل امرأته في قبلها من الخلف ولد الولد أحول.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الإقتضاء(481):
وفي هذه الإسرائليات ما هو كذب على الأنبياء أو ما هو منسوخ في شريعتنا ما لا يعلمه إلا الله.اهـ



الثالث: ما لم يقره الإسلام ولم ينكره ، فيجب التوقف فيه.
مثاله: ما رواه البخاري(4485) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا(ءامنا بالله وما أنزل)الآيه.


وقال شيخ الإسلام في الإستقامة(1/201)
الإسرائليات التي لم يُعرف أنها حق أو باطل لم يُصدق بها ولم يكذب ومثل هذه لا يعتمد عليها في الدين بحال.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره(11): تجوز حكاية - الاسرائليات المسكوت عنها -وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في شرح أصول التفسير(208):
التحديث بهذا النوع من الاسرائليات مما لم يقره الإسلام ولم ينكره جائز إذا لم يخش محذور لقول النبي عليه الصلاة والسلام( بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)رواه البخاري ، وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذي فائدة في الدين كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه ، وأما سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين فإنه حرام .اهـ

وهذا النوع الثالث - أعني ما لم يقره الإسلام ولم ينكره - إذا حدث فيه الأئمة فإنهم يبينون أنه من الاسرائيليات ، أو ينص إمام من الأئمة النقاد أنه من الاسرائليات وهذه الاسرائيليات تذكر في التفاسير والزهد والمواعظ والترغيب والترهيب ، ومضان ما حدث به الأئمة عن بني إسرائيل ، كتب ابن أبي الدنيا وكتاب الزهد لأحمد وكتاب الزهد لأبي داود
وغيرها من المصنفات التي جمعت بين المرفوع والموقوف والمقطوع والصحيح والحسن والضعيف والموضوع وما لا أصل له والاسرائليات.


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
1436/5/25  
__________________________________
الرد الثامن عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم
بقوله إنه يعشق الفلسفة

قال عدنان إبراهيم: (بأنه يعشق علم الفلسفة كثيراً).


لا شك أنه لا يعتنق الفلسفة ، ويعظمها ، إلا من لم يعرف العقيدة الصحيحة ، فمن رزقه الله تعالى العقيدة الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، عَرف فساد الفلسفة وضلال أهلها.
وسوف أُبين بإذن الله تعالى في ردي عليه عدة أمور.
أولاها:ما هي الفلسفة
ثانيها: مراحل الفلسفة اليونانية
ثالثها: مدارس الفلاسفة
رابعها: بيان بعض عقائد الفلاسفة
وخامسها: ذكر أسماء بعض مَن تأثر بالفلسفة.

نقول وبالله التوفيق:

أولاً: ما هي الفلسفة:
الفلسفة : كلمة يونانية مركبة من كلمتين
(فيلا) ومعناها الإيثار.
و(سوفيا) ومعناها الحكمة.
والفيلسوف مشتق من الفلسفة بمعنى(مؤثر الحكمة)
والفلسفة عند الفلاسفة هي: (النظر العقلي المتحرر من كل قيد وسلطة تفرض عليه من الخارج)
وقال أرسطو: الفلسفة هي البحث عن علل الأشياء ومبدائها الأول.


ثانياً: مراحل الفلسفة اليونانية:
مرت الفلسفة اليونانية بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة البحث في عالم الطبيعة لمعرفة الأساس الذي عليه يطرأ تغير الأشياء إلى أضدادها.
وأشهر الفلاسفة في هذه المرحلة:
طاليس ، وانكسيمندريس ، وهرقليطس.

المرحلة الثانية: مرحلة اهتمت بالنظر والتأمل في جانبي التفكير والإدارة في الإنسان ، مما سبب ظهور القضايا الأخلاقية والمنطقية والنفسية.
وأشهر الفلاسفة في هذه المرحلة:
سقراط.

المرحلة الثالثة: مرحلة جمعت بين المرحلة الأولى والثانية.
وأشهر الفلاسفة فيها:
أفلاطون ، وأرسطو.


ثالثاً: مدارس الفلاسفة:
للفلاسفة ثلاث مدارس:
المدرسة الأولى: الطبيعيون: وهم الذين أكثروا البحث في عالم الطبيعة.
وهؤلاء ينكرون الحشر واليوم الآخر من جنة ونار وغيرها.

الثانية: الدهرية: وهم الذين جحدوا الخالق والعياذ بالله.

الثالثة: الإلهيون: وهؤلاء وثنيون.


رابعاً: نبذة عن عقيدة الفلاسفة:

1- من عقائد الفلاسفة: عدم إيمانهم بأركان الإيمان.
فالفلاسفة لا يؤمنون بأركان الإيمان التي جاءت في حديث ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم(1)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/58):
وذهب الفلاسفة أهل المنطق إلى جهالات قولهم: إن الملائكة هي العقول العشرة ، وأنها قديمة أزلية ، وإن العقل رب ما سواه ، وهذا شيء لم يقل مثله أحد من اليهود والنصاري ومشركي العرب ، ولم يقل أحد إن ملكاً من الملائكة رب العالم كله.
ويقولون إن العقل الفعال مبدع كل ما تحت فلك القمر ، وهذا أيضاً كفر لم يصل إليه أحد من كفار أهل الكتاب ومشركي العرب ، ويقولون إن الرب لا يفعل بمشيئته وقدرته وليس عالماً بالجزئيات ، ولا يقدر أن يغير العالم ، بل العالم فيض فاض عنه بغير مشيئته وقدرته وعلمه ، وأنه إذا توجه المستشفع إلى من يعظمه من الجواهر العالية كالعقول والنفوس والكواكب والشمس والقمر فإنه يتصل بذلك المعظم المستشفع به فإذا فاض على ذلك ما يفيض من جهة الرب فاض على هذا من جهة شفيعه.اهـ

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية(297):
وأعظم الناس إنكاراً للملائكة هم الفلاسفة المسمون عند من يعظمهم بالحكماء ، فإن من علم حقيقة قولهم علم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر.
فإن مذهبهم أن الله موجود لا ماهية له ولا حقيقة فلا يعلم الجزئيات بأعيان ، وكل موجود في الخارج فهو جزئي ، ولا يفعل عندهم بقدرته ومشيئته وإنما العلم عندهم لازم له أزلاً وأبداً
وإن سموه مفعولاً له فمصانعة ومصالحة للمسلمين في اللفظ وليس عندهم بمفعول ولا مخلوق ولا مقدور عليه وينفون عنه سمعه وبصره وسائر صفاته ! فهذا إيمانهم بالله.
وأما كتبه عندهم ، فإنهم لا يصفونه بالكلام فلا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول ، والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على قلب بشر زاكي النفس طاهر متميز عن النوع الإنساني بثلاث خصائص: قوة الإدراك وسرعته لينال من العلم أعظم ما يناله غيره وقوة النفس ليؤثر بها في هيولى العالم يقلب صورة إلى صورة ! وقوة التخييل ليخيل بها القوى العقلية في أشكال محسوسة وهي الملائكة عندهم! وليس في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول ، وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجودية.
وأما اليوم الآخر ، فهم أشد الناس تكذيباً وإنكاراً له في الأعيان وعندهم أن هذا العالم لا يخرب ولا تنشق السموات ولا تنفطر ولا تنكدر النجوم ولا تكور الشمس والقمر ولا يقوم الناس من قبورهم ويبعثون إلى جنة ونار ، كل هذا عندهم أمثال مضروبة لتفهم العوام ، لا حقيقة لها في الخارج كما يفهم منها أتباع الرسل.
فهذا إيمان هذه الطائفة- الذليلة الحقيرة- بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.اهـ

2- ومن عقائدهم: نفي صفات الله.
الفلاسفة الإلهيين أمثال أرسطو ليس من أصلهم وصف الله بصفات الإثبات بل إنما يصفونه بالنفي أو الإضافات كقولهم: إن الله مبدأ الكائنات وعلة الموجودات.
وكذا قال الشيعة الباطنية أمثال الفيلسوف ابن سيناء والصوفية الباطنية أمثال ابن عربي.

3- ومن عقائدهم: تسمية الرب سبحانه وتعالى
(عقلاً وجوهراً) وهو عندهم لا يعلم شيئاً سوى نفسه
ولا يريد شيئاً ولا يفعل شيئاً، ويسمونه( المبدأ)
و( العلة الأولى)
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام -9/148)

4- ومن عقائدهم: أن كلام الله مخلوق.
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام-9/149)

5- ومن عقائدهم: في الروح أنها لا حقيقة لها.
فيقولون في الروح: أنها ليست داخل البدن ولا خارجة ولا مباينة ولا مداخلة ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض.

6- ومن عقائدهم: نفي معجزات الأنبياء.
ينكر الفلاسفة معجزات الأنبياء بحجة أنها غير معلومة لهم.
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام-9/58)


7- ومن عقائدهم: إنكارهم بما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن أمور معينة مما كان وسيكون.
وليس في ذلك يمكن معرفته بقياسهم لا البرهاني ولا غيره ، فإن أقيستهم لا تفيد إلا أموراً كلية وهذه أمور خاصة.
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام -9/134)

8- ومن عقائدهم: أن الفلاسفة أفضل من الأنبياء.
قال أرسطو اليوناني الذي يسميه الفلاسفة:
(المعلم الأول) : الفيلسوف أعلى درجة من النبي لأن النبي يدرك عن طريق المخيلة بينما الفيلسوف يدرك عن طريق العقل والتأمل.
والمخيلة عند الفلاسفة درجة أدنى من التأمل ، وتابع الفارابي أرسطو في جعل الفيلسوف فوق النبي.
وقولهم هذا مثل قول الصوفية: إن الأولياء أفضل من الأنبياء.

قال شيخ الإسلام في النبوات(280): فهؤلاء المتفلسفة ما قدروا النبوة حق قدرها.اهـ

9- ومن عقائدهم: مخالفة الكتاب والسنة والعقل.
قال شيخ الإسلام في النبوات(93):
والمتفلسفة أشد مخالفة للعقل والسمع.اهـ

10- ومن عقائدهم: أن النبوة لا تنقطع بل يبعث الله بعد كل نبي نبياً دائماً ، وأن محمداً عليه الصلاة والسلام ليس خاتم الأنبياء.
قال شيخ الإسلام في الصفدية(52):
وهؤلاء الملاحدة من المتفلسفة والقرامطة ومن وافقهم يقولون: إن النبوة لها ثلاث خصائص مَن قامت به فهو نبي ، والنبوة عندهم لا تنقطع بل يبعث الله بعد كل نبي نبياً دائماً ، وكثير منهم يقول إنها مكتسبة ، وكان السهروردي المقتول منهم يطلب أن يصير نبياً ، وكذلك ابن سبعين كان يطلب أن يصير نبياً وكانوا يَعْلمون من السحر والسِّيماء ما يُضلون به من يُلبسون عليه.اهـ
(السيماء) نوع من أنواع السحر ، وهو: إحداث خيالات لا وجود لها في الحس وهو علم أسرار الحروف. قاله ابن خلدون في مقدمته(4/1271)


11- ومن عقائدهم: نفي الجن.
الفلاسفة ينفون الجن ويقولون إن الجن قوى نفسية.
( ينظر الصفدية لشيخ الإسلام-184)


خامساً: ذكر بعض مَن تأثر بالفلسفة ممن يُطلق عليهم (بالفلاسفة الإسلاميين):

تأثر بالفلسفة كثير من أهل الإسلام ، أمثال: الكندي والفارابي وابن الهيثم والسهروردي
وابن رشد والغزالي والرازي وابن سينا وغيرهم
وتعلقوا بالفلسفة تعلقاً شديداً وتكلم بعضهم بأمور فلسفية لم يتكلم بها فلاسفة اليونان.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/73) عن ابن سينا: وابن سينا تكلم في إشياء من الإلهيات والنبوات والشرائع لم يتكلم فيها سلفه ولا وصلت إليها عقولهم ولا بلغتنا علومهم فإنه استفادها من المسلمين وإن كان إنما أخذ عن الملاحدة المنتسبين إلى الإسلام كالإسماعيلية ، وكان هو وأهل بيته وأتباعهم معروفين عند المسلمين بالإلحاد.اهـ


- ولم يستفد الفلاسفة من الفلسفة إلا الحيرة والضياع والتشكيك في الدين ، وكان هذا سبب لتراجع كثير من الفلاسفة عما كانوا عليه.

قال الرازي في آخر مصنفاته: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ، اقرأ في الإثبات( إليه يصعد الكلم الطيب)
(الرحمن على العرش استوى)
واقرأ في النفي( ليس كمثله شيء)
(ولا يحيطون به علماً)
قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.
(ذكره شيخ الإسلام في النبوات-98)

وينقل عن أبي حامد الغزالي الذي تعمق في علم الفلسفة وذمه العلماء على ذلك ذماً شديداً
ثم تراجع عن الفلسفة في آخر حياته وندم
وألف كتاباً في ذم الفلاسفة سماه(تهافت الفلاسفة) كشف فيه عوار الفلاسفة ، ووافقهم في بعض المواضع ظناً منه أن ذلك حق أو موافق للملة.

- وهنا خطأ شائع يخطأ به البعض وهو قولهم:(الفلسفة الإسلامية) وهذا خطأ ، لأن الإسلام ليس فيه فلسفة.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/101):
ليس الفلاسفة من المسلمين ، كما قالوا لبعض أعيان القضاة الذين كانوا في زماننا: ابن سينا من فلاسفة الإسلام؟ فقال: ليس للإسلام فلاسفة.


ختاماً: هذه هي الفلسفة التي يعشقها عدنان إبراهيم كما يقول ، علم لا يعرف إلا العقل ، والعقل عندهم مقدم على النقل ، فهم يقدمون عقولهم السقيمة على الكتاب والسنة
فعارضوا بعقولهم الفاسدة ما جاء به الأنبياء.

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
1436/5/26هـ 
___________________________
الرد التاسع عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم
بطعنه في النصوص الشرعية بحجة مخالفتها للعقل.


يستعمل عدنان إبراهيم دائماً في خطبه ومحاضراته قول: ( العقل لا يصدق هذا) وقول:
( العقل لا يقبل هذا) وقول : (عقلاً ليس كذا)
وقول: (فكروا بعقولكم هل هذا يعقل) وغير ذلك من العبارات
إذا كان الدليل الشرعي لا يوافق معتقدة الباطل فيرد النصوص الشرعية
بدعوى أن العقل لا يستطيع تصديق هذه الأحاديث.

وتقديم العقل على النقل أصل من أصول أهل الكلام ورثوه من فلاسفة اليونان.

ويستدل أهل الكلام في تقديم العقل على كل شيء ، بحديث باطل وهو حديث
(أول ما خلق الله العقل قال له: أقبل ،
فأقبل ، فقال له: أدبر ، فأدبر ، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم عليّ منك ، فبك آخذ وبك أعطي وبك الثواب وبك العقاب)
الحديث:
رواه ابن عدي في الكامل(2/390)
والطبراني في الأوسط(1845)
والبيهقي في شعب الإيمان(4633)
عن أبي هريرة مرفوعاً.
وهو حديث موضوع ، كما نص على ذلك
ابن الجوزي في الموضوعات(366)
وقال شيخ الإسلام في الصفدية(241):
هذا الحديث موضوع وكذب عند أهل العلم بالحديث كما ذكر أبو حاتم البستي وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهما.اهـ

وقال الشوكاني في الموضوعات(498): قال ابن عدي: باطل منكر آفته ، محمد بن وهب الدمشقي
وقال في الميزان: صدق ابن عدي في أن الحديث باطل.اهـ

وله شاهد من حديث أبي أمامة
رواه العقيلي في الضعفاء(1169)
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات(368)

وشاهد آخر عن عائشة
رواه أبو نعيم في الحلية(7/318)
ولا يصح.

وله شاهد مرسل عن الحسن البصري.
رواه البيهقي في الشعب(4632) وقال: هذا من قول الحسن ، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد غير قوي.اهـ

والأحاديث الواردة في فضل العقل لا يصح منها شيء.
قال الإمام ابن القيم في المنار المنيف(64):
أحاديث العقل كلها كذب ، قال أبو الفتح الأزدي: لا يصح في العقل حديث ، وقاله العقيلي وأبو حاتم بن حبان.اهـ

ونص على وضعها طائفة من الحفاظ منهم:
ابن الجوزي في كتابه الموضوعات (1/274) والهيثمي في اللآلي المصنوعة (1/129)
وابن عراق تنزيه الشريعة (131)
والشوكاني في الموضوعات (498)
وعلي القاري في الموضوعات (48)


- حقيقة العقل:

لفظ العقل في لغة المسلمين ليس هو لفظ العقل في لغة فلاسفة اليونان ومن سلك مسلكهم.
فالعقل صفة للشخص العاقل ، يقال(فلان عاقل) أي له عقل يعقل به فهو صفة للشخص ، وليس هو عيناً قائمة بنفسها كما يقوله الفلاسفة.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/145):
العقل في كتاب الله وسنة رسوله وكلام الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين هو أمر يقوم بالعاقل ، سواء سمي عرضاً أو صفة ، وليس هو عيناً قائمة بنفسها سواء سمي جوهراً أو جسماً أو غير ذلك ، وإنما يوجد التعبير باسم(العقل) عند الذات العاقلة التي هي جوهر قائم بنفسه في كلام طائفة من المتفلسفة الذين يتكلمون في العقل والنفس ويدعون ثبوت عقول عشرة كما يذكر ذلك من يذكره من أتباع أرسطو أو غيره من المتفلسفة المشائين ، ومن تلقى ذلك عنهم من المنتسبين إلى الملل.اهـ

وقال أيضاً(9/153):
اسم العقل عند المسلمين وجمهور العقلاء إنما هو صفة ، وهو الذي يسمى عرضاً قائماً بالعاقل
وعلى هذا دل القرآن في قوله تعالى( لعلكم تعقلون) وقوله( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها)
وقوله( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)
ونحو ذلك مما يدل على أن العقل مصدر عقل يعقل عقلا ، وإذا كان كذلك فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه ولا العمل بلا علم ، بل إنما يسمى به العلم الذي يعمل به والعمل بالعلم ولهذا قال أهل النار ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)
وقال تعالى( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها).اهـ


- مذهب العقلانية:
العقلانية مذهب فكري فلسفي جاء به فلاسفة اليونان ، كسقراط وأرسطو
ويزعم العقلانيون أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى دليل من كتاب أو سنة.

وتأثر المعتزلة بالمذهب الفلسفي العقلاني ، حيث اعتمدوا على عقولهم وجعلوها أساس تفكيرهم ، وهي المرجع عندهم في إثبات العقيدة ، وقالوا: إن
ما اقتضى العقل إثباته من صفات الله فهو ثابت وما لم يقتضِ العقل إثباته من صفات الله فإنه لا يثبت ، ويسلكون في ذلك إحدى طريقين:
الأول: إن كان يمكنهم الطعن في الدليل أي في ثبوت هذا الدليل طعنوا فيه وقالوا لا يصح.

الطريق الثاني: إذا صح الدليل ولم يمكنهم الطعن في صحته أولوه بتأويلاتهم الباطلة.

لذا تجد المعتزلة يطعنون في النصوص الشرعية التي تخالف عقولهم الفاسدة يأولونها تارة ويضعفونها تارة أخرى ، بحجة أن العقل لا يصدق ذلك
فجعلوا العقل هو المرجع الوحيد في معرفة الحسن والقبيح ، وهو المرجع الوحيد إلى طريق الاستدلال بدون الرجوع إلى الكتاب والسنة.

وأخذ المعتزلي عدنان إبراهيم من العقل مطعناً في الأحاديث الصحاح المخرجة في الصحيحين بحجة مخالفتها للعقل وأن العقل لا يصدق ذلك
فقال عن حديث (خلق الله آدم على صورته) وهو مخرج في الصحيحين
قال عدنان :( كيف يقال خلقه على صورته هذا لا يعقل هذا تشبيه...)
فرد الحديث بحجة أنه لا يعقل.
ورد حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام بنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين.
والحديث مخرج في الصحيحين.
قال عدنان إبراهيم عنه: (هذا لا يصح كيف يتزوجها وهي بنت تسع بل تزوجها وهي بنت إحدى وعشرين سنة)
وهكذا يفعل بالنصوص الشرعية
بحجة أنها لا تصدق وأنها تخالف عقله السقيم ، فسلك فيها مسلك أصحابه المعتزلة فروخ الجهمية ، وهو الطعن في النصوص الشرعية المخالفة لعقولهم الفاسدة.
وهذا دليل على جهلهم وعدم علمهم.

قال الحافظ الذهبي في السير(21/129):
إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث وهات العقل فاعلم أنه جاهل.اهـ



كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
1436/5/28هـ  
_______________________________
الرد العشرون : على المعتزلي عدنان إبراهيم في ثناءه على علم الكلام.

علم الكلام من العلوم التي يثني عليها عدنان إبراهيم ويثني على أهل هذا العلم ويحث على تعلمه وتعليمه.
وعلم الكلام هو علم الفلسفة ، وهو من العلوم المذمومة التي ذمها السلف وعابوها وليس هو من العلوم الممدوحة الذي يمدح متعلمها.
وأهل الكلام قوم سوء ، يتكلمون في الغيبيات فعطلوا أسماء الله تعالى وصفاته ، كما حصل لأهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والروافض وغيرهم ممن تمسك بفلسفة اليونان وأعرض عن الكتاب والسنة ، ولهذا نهى علماء السلف عن علم الكلام وعن مجالسة أهله.

وقال عمر رضي الله عنه: ( اتقوا الرأي في دينكم)
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٣٩)بسند صحيح


قال الإمام الشافعي:( لأن ألقى الله بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إلي من أن ألقاه بعلم الكلام)
رواه البيهقي في السنن الكبرى(١٠/٢٠٦)

قال الإمام البربهاري في شرح السنة(١١٦): وإياك والنظر في الكلام ، والجلوس إلى أصحاب الكلام ، وعليك بالآثار وأهل الآثار وإياهم فاسأل ومعهم فاجلس ومنهم فاقتبس.اهـ

وعلم الكلام مما يفسد القلوب الصحيحة ويفسد الفطر السلمية ويفسد العقول الرشيدة ، لأنه علم مبني على اتباع الهوى والإعراض عن الأدلة الشرعية.

قال تعالى( أفريت من اتخذ إلهه هوىـٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)

قال الإمام الشافعي:( مثل الذي ينظر في الرأي ثم يتوب منه مثل المجنون الذي عولج ثم برئ فأعقل ما يكون قد هاج به)
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٥٨) صحيح

وقال الإمام أحمد:( لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل) يعني:فساد.
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٥٩)صحيح


فينبغي للمسلم أن يعرض عن العلم المذموم
وهو علم الكلام الذي يجلب عليه الوسوسة والتشكيك في الدين كما حصل لطائفة من المتفلسفين
ويقبل على العلم الممدوح وهو العلم الشرعي ، علم الكتاب والسنة

قال مالك بن مغول: قال لي الشعبي:( ما حدثوك هؤلاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فخذ به ، وما قالوه برأيهم فألقه في الحش)
رواه الدارمي في مسنده(٢٠٦) ورجاله ثقات.

وقال الشعبي رحمه الله: ( إنما هلك من كان قبلكم حين تشعبت بهم السبل وحادوا عن الطريق فتركوا الآثار وقالوا في الدين برأيهم فضلوا وأضلوا)
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٥١) وسنده صحيح.


قال الإمام ابن مفلح في الآداب الشرعية(٢/٦٢):
وقال سفيان الثوري: إنما العلم كله بالآثار.
وقال الأوزاعي: عليك بالأثر وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن الأمر ينجلي وأنت فيه على طريق مستقيم.
وقال الأوزاعي أيضاً: إذا بلغك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام حديث فإياك أن تأخذ بغيره فإنه كان مبلغاً عن الله عزوجل.اهـ

قال الإمام ابن مفلح أيضاً في الآداب الشرعية(٢/٤٠):
قال أحمد في رواية المروذي: ليس قوم عندي خيراً من أهل الحديث ليس يعرفون إلا الحديث.
وقال أحمد في رواية أبي الحارث: أهل الحديث أفضل من تكلم في العلم.اهـ


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٢هـ 
________________________________________
 الرد الحادي والعشرون : على المعتزلي عدنان إبراهيم في دعوى كراماته


قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأنه حصلت له كرامات كثيرة جداً منها سماعه لكلام الجن وطلبهم منه أن يدعو لهم ، ووضع يده على سلك فاشتغل الكهرباء ، ويقول بأن زوجته تبكي من كثر كراماته !!
وقال: ومن كراماتي أن أحد الأصدقاء ضاعت له ورقة ، قلت له إن الورقة تجدها في تفسير ابن كثير الجزء كذا في صفحة كذا ، فوجد الورقة.
وقال: ومن كراماتي أنه جاءتني رسالة باللغة الألمانية لا أعلم هل هي من الله أو من غيره مكتوب فيها ( مال عدنان حلال)
وقال أيضاً: الناس ينكرون كرامات عدنان إبراهيم ولا ينكرون كرامات ابن تيمية).


ولا يشك عاقل ما في كلام هذا الرجل من مفاخرة وعُجب وغلو ودجل وتلبيس.

ويجاب على خرافاته بما يلي:

أولاً: ما هي الكرامات:
الكرامات لغة: جمع كرامة ، وهي النعمة الخاصة
قال تعالى( فأما الإنسـٰن إذا ما ابتلىـٰه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن)
واصطلاحاً: هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد ولي من أوليائه.

والولي: هو المؤمن التقي
قال تعالى( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهمـ ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٢/٢٢٤): من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً.اهـ

والكرامة ليست ميزان الولاية ، بل الميزان أن تكون الكرامة جرت على يد مؤمن تقي.
ولهذا قال بعض السلف: (لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي أو حتى يعرضوا أمره على الكتاب والسنة).

والولاية تكون بالإيمان والتقوى.
قال العلامة ابن عثيمين في شرح الواسطية(٤٩٠): ليست الولاية بالدعوى والتمني ، الولاية إنما هي بالإيمان والتقوى ، فلو رأينا رجلاً يقول: إنه ولي ، ولكنه غير متقٍ لله تعالى فقوله مردود عليه.اهـ
وقال أيضاً(٤٩١): وقد كثرت هذه الكرامات التي تُدعى أنها كرامات في هؤلاء المشعوذين الذين يصدون عن سبيل الحق فالواجب الحذر منهم ومن تلاعبهم بعقول الناس وأفكارهم.اهـ



فأهل الكرامة هم أهل الاستقامة الذين فعلوا المأمور وتركوا المحظور وصبروا على المقدور ، ومن لم يكن من أهل الاستقامة فليس له كرامة إنما هي من الأمور الشيطانية ، فليست الكرامة لمن يرد النصوص الشرعية ويقدم عقله على النقل ويرد اجماع الأمة وينكر نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وينكر خروج المهدي وينكر خروج الدجال في آخر الزمان ويسب الصحابة ويطعن فيهم وغير ذلك من الطوام ، التي لا تصدر من أولياء الله تعالى.

قال العلامة ابن باز في شرح الواسطية(١٢١):
والمقصود أن الشيء الخارق للعادة ، إن كان صاحبه متقياً لله معروفاً بالخير فهي كرامة وهم يتبعون في هذا الكتاب والسنة ، وإن كان بخلاف ذلك فهي من مخاريق السحرة والشياطين.اهـ

وقال العلامة الفوزان في شرح الطحاوية(٤٩٤):
ضابط الكرامة ننظر إلى عمله ، فإن كان موافقاً للإسلام ، فما يجري على يده كرامة ، وإلا فهو من خدمة الشيطان ، والفرق بين الكرامة والعمل الشيطاني هو الإيمان والعمل الصالح.اهـ


- علامات أولياء الله وأولياء الشيطان:

قال شيخ الإسلام في كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (٩):
أولياء الله هم: الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وأمروا بما يأمر ونهوا عما ينهى وأعطوا لمن يُحب أن يعطى ومنعوا من يُحب أن يمنع.
وقال أيضاً (٦٢):
أولياء الشيطان هم: الذي باشروا النجاسات والخبائث التي يُحبها الشيطان أو يأوى إلى الحمامات والحشوش التي تحضرها الشياطين أو يأكل الحيات والعقارب أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يُحبها الشيطان أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها أو يسجد إلى ناحية شيخه ولا يخلص الدين لرب العالمين أويلابس الكلاب أو النيران أو يكره سماع القرآن وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن ، فهذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن.اهـ


وهنا تنبيه:
الكرامة لا تدل على مزية من ظهرت له على غيره
لأنه قد يُعطاها ضعيف الإيمان.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(١١/٢٨٣):
ومما ينبغي أن يُعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل فإذا احتاج إليها ضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته ، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنياً عن ذلك ، فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها لا لنقص ولايته ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة.اهـ

وقال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية(٤٩٧): فاعلم أن عدم الخوارق علماً وقدرة لا تضر المسلم في دينه فمن لم ينكشف له من المغيبات ولم يسخر له شيئاً من الكونيات لا ينقص ذلك في مرتبته عند الله ، بل قد يكون عدم ذلك أنفع له.اهـ

وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في شرح الواسطية(٢٢٨): وأهل السنة أثبتوها - أي الكرامة- وصدقوا بأن ما جرى لهم من ذلك فهو كرامة وقالوا: إن من صدرت عنه فليس له مزية على غيره وفضيلة ، فليست الكرامة هي الميزان في علو الدرجة في الولاية وأن من ظهرت له كرامة أنه أفضل ممن لم تظهر له كرامة ، بل من ليس له كرامة أفضل بكثير ممن له كرامة ، بل هي من نوع الحظ والبخت يعطيها الله من يشاء.
ثم هي قد تكون لمن جرت له فتنة وشر وتنقص في دينه وقد تكون خيراً.اهـ


ثانياً: أقسام كرامات الأولياء:
قسّم شيخ الإسلام الكرامات في الواسطية(١١٩) إلى قسمين:
الأول: كرامات من باب العلم والكشف.
وهو ما يحصل للإنسان من العلوم أو يظهر له من الأشياء ما لا يحصل لغيره.

مثاله: قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه
حينما نظر في بطن امرأته وهي حامل فقال:
(أراها جارية) فلما ولدت بعد مدة كانت جارية.
رواه مالك في الموطأ(١٤٣٨) وعبدالرزاق في مصنفه(٩/١٠١)

ومثله: قول عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل) وكان عمر يخطب في المدينة وسارية في العراق.
(ذكره شيخ الإسلام في الفرقان بين الحق والباطل-٥٨)

والثاني: كرامات من باب القدرة والتأثير.
وهو ما يحصل للإنسان من قدرة وتأثير لا يحصل لغيره.
مثاله:
ما حصل لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
حيث يبس الماء ومر عليه الجيش.
ذكره الطبري في تاريخه(٢/٤٦٠)


ثالثاً: أقسام الناس في كرامات الأولياء:
انقسم الناس في كرامات الأولياء إلى ثلاث أقسام.

القسم الأول: قوم يؤمنون بكرامات الأولياء ويثبتونها على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة وهم أهل السنة والجماعة.

القسم الثاني: قوم ينفون كرامات الأولياء وهم الفلاسفة والجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة
وشبهتهم: دعوى الالتباس بين الكرامة والمعجزة!
ويجاب عليهم: بأن الكرامة لا تقترن بدعوى الرسالة بخلاف المعجزة فإنها مقترنة بدعوى الرسالة ، والكرامة تكون على يد ولي ، والولي لا يمكن أن يدعي النبوة ولو ادعاها لم يكن ولياً.

القسم الثالث: قوم يغلون في إثبات الكرامات.
وهم الصوفية والرافضة.

رابعاً: الفرق بين الكرامات والمعجزات
المعجزة مقرونة بدعوى الرسالة.
والكرامة مقرونة بالولاية.

خامساً: الفرق بين الكرامات والأحوال الشيطانية
الكرامة مقرونة بالإيمان والتقوى
والأحوال الشيطانية مقرون بفعل الفواحش وعدم التقوى
قال شيخ الإسلام في الفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان(١٢٥): كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى ، والأحوال الشيطانية يكون سببها ما نهى الله عنه ورسوله ويستعان بها على ما نهى الله عنه ورسوله.اهـ

سادساً: الفرق بين الكرامة والفراسة:
الكرامة تعطى لأهل الإيمان والتقوى.
والفراسة تعطى لأهل الإيمان والتقوى ، وتعطى لأهل الخبرة في معرفة الأمور.
(ينظر شرح الطحاوية لابن أبي العز-٤٩٨)

ختاماً:
يتضح مما سبق أن:
ما يجري من الخوارق على أيدي الأنبياء فهذه آيات وبراهين وتسمى معجزات
وما يجري من الخوارق على أيدي الأولياء فهذه كرامات
وما يجري من الخوارق على أيدي العصاة والمبتدعة فهذه أمور شيطانية.

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٣هـ 
__________________________

الرد الثاني والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم في ترحمه على أهل الكفر.

قال عدنان:(ليو تولستوي ، رحمه الله بل رضوان الله عليه هذا الفيلسوف الآديب...)

ليو تولستوي فيلسوف نصراني روسي
كفرته الكنيسة بسبب أفكاره المنحرفة ، وعدنان إبراهيم يترحم ويترضى عليه في إحدى خطبه ، ولا يترضى على الصحابة ولا يترحم على علماء الأمة ،
ولاشك أن ترحمه على الكافر مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.

فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على عدم مشروعية الترحم على أهل الكفر وعدم طلب المغفرة لهم ، فإن الترحم عليهم وطلب المغفرة لهم من الاعتداء في الدعاء ، والإعتداء في الدعاء منهي عنه.

قال تعالى: (ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحـٰب الجحيم)

قال الإمام الطبري في تفسيره(١١/٥٠):
يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمد عليه الصلاة والسلام والذين آمنوا به (أن يستغفروا) يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أولي قربى ذوي قرابة لهم ، (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان تبين لهم أنهم من أهل النار لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله.
فإن قالوا: فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك فلم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه ، ( فلما تبين له ) وعلم أنه لله عدو خلاه وتركه ترك الاستغفار له ، وآثره الله وأمره عليه فتبرأ منه حين تبين له أمره.اهـ

وقال الإمام القرطبي في تفسيره(٨/٢٠٥):
فيه ثلاث مسائل في الآية:
الأولى: الآية ناسخة لاستغفار النبي عليه الصلاة والسلام لعمه.
الثانية: هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم ، فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز.
الثالثة: قال أهل المعاني(ما كان) في القرآن على وجهين: على النفي نحو قوله( ما كان لكمـ أن تنبتوا شجرها) ، والآخر بمعنى النهي كقوله(وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله).اهـ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:( استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي )رواه مسلم(٩٧٦)

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(٩٧٦): فيه النهي عن الاستغفار للكفار.اهـ

قال شيخ الإسلام في قاعدة جليلة(٢٦):
فالشفاعة للكفار بالنجاة من النار والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر لا تنفعهم ، ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاهاً.اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(٢٢٠):
أهل الكفر ليسوا أهلاً للمغفرة بأي حال ولا يجاب لنا فيهم ، ولا يحل الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، وإنما يدعى لهم بالهداية وهم أحياء.اهـ

- ودلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على خلود أهل الكفر في نار جهنم.

قال تعالى:( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً)

وقال تعالى:( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أبداً أولئك هم شر البرية )

وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو؟ قال:(في النار)
فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال:يا رسول الله فأين أبوك؟ قال:( فذكره) ، قال : فأسلم الأعرابي بعد ، فقال: لقد كلفني رسول الله عليه الصلاة والسلام تعباً:( ما مررت بقبر كافر إلا بشرتُه بالنار ). رواه الطبراني(١/١٩) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة(١٨).

فالكفار أهل الخلود في نار جهنم ، ولا تنفعهم شفاعة الشافعين ،
قال تعالى( ما سلككمـ في سقر قالوا لمـ نك من المصلين ولمـ نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتـىـٰنا اليقين فما تنفعهمـ شفـٰعة الشـٰفعين)
فكيف يترحم عليهم وهم الذين كفروا بالله ورسوله ، وكذبوا بما جاءت به الرسل.
والعجيب أن عدنان إبراهيم لا يترضى على الصحابة بل يذمهم ويلعنهم ، ويترضى على أهل الكفر والإلحاد مخالفاً الكتاب والسنة والإجماع.

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٢٢هـ
____________________________________


الرد الثالث والعشرون: على عدنان إبراهيم (في اعتراضه على القدر ، وقوله إن الإيمان بالقدر فرق الأمة)


يجاب عليه:

أن الإيمان بالقدر واجب على كل مسلم ، وهو ركن من أركان الإيمان الستة التي لا يصح إيمان عبد إلا بها ، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً أن جبريل عليه السلام سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإيمان فقال: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) رواه مسلم(١)
وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه:( يا بني إنك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حق حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ... يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار) رواه أحمد(٢٢١٩٧) وصححه الألباني في السنة لابن أبي عاصم(١١١)

ودل على وجوب الإيمان بالقدر الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى( وخلق كل شيء فقدره تقديراً)
وقال تعالى( إنا كل شيء خلقنـٰه بقدر)
وقال تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتـٰب من قبل أن نبرأها)

-السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنه في حديث جبريل المشهور(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) رواه مسلم(١)

وعن جابر رضي الله عنه مرفوعاً(لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)
رواه الترمذي(٢١٤٤) وصححه الألباني.

-الإجماع:
نقل الإجماع غير واحد من الأئمة:
قال أحمد بن يحيى ثعلب: ما في العرب إلا مثبت للقدر خيره وشره ، أهل الجاهلية والإسلام ، ذلك في أشعارهم وكلامهم كثير.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة-٣/٥٨٣)

وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً من مذهبهم: ...والإيمان بالقدر خيره وشره من الله عزوجل.
(عقيدة الرازيين-٢٥)

وقال أبو القاسم اللالكائي: وهو مذهب أهل السنة والجماعة يتوارثونه خلفاً عن سلف من لدن رسول الله بلا شك ولا ريب.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة-٣/٥٩٤)

- مراتب القدر:
للقدر أربعة مراتب يجب الإيمان بها:
المرتبة الأولى: العلم. أي الإيمان بأن الله علم ما كان وما يكون أزلاً وأبداً - يعني علمه بالماضي والمستقبل- علم كل شيء من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال وغيرها. قال تعالى( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)

الثانية: الكتابة. أي الإيمان بأن الله كتب مقادير الخلق في اللوح المحفوظ. فكل ما يحدث في الكون علمه الله وكتبه قبل حدوثه. قال تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتـٰب من قبل أن نبرأها)
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعاً(أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب ، قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كان وما هو كائن إلى الأبد)رواه أبو داود(٤٧٠٠) والترمذي(٢١٥٥) صححه الحاكم(٢/٤٩٨) والألباني. وله شاهد عن عبدالله بن عمرو بلفظ( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة) رواه مسلم(٢٦٥٣)

الثالثة: المشيئة. أي الإيمان بأن الله شاء كل شيء وأراده مما قضاه وقدره في اللوح المحفوظ . قال تعالى( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين)

الرابعة: الخلق. أي الإيمان بأن كل ما يقع في هذا الكون هو من خلق الله. قال تعالى( والله خلقكمـ وما تعملون) وقال تعالى( الله خـٰلق كل شيء)

فوائد الإيمان بالقدر:
الإيمان بالقدر له عدة فوائد منها:
أولاً: أنه من تمام بالإيمان بالله.
ثانياً: أنه يكسب العبد طمأنينة واستقرار ويصبر على ما أصابه ويحتسب الأجر من الله.
ثالثاً: أن الإنسان لا يعجب بنفسه إذا حصل له مكروه.
رابعاً: أن الإنسان إذا أمن بالقدر لا يأسف على ما فاته ، ولا يلوم نفسه بقوله لو فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان.

أقسام الناس في القدر:
القسم الأول: قوم آمنوا بالقدر خيره وشره ، وقالوا إن العبد يفعل الفعل باختياره وإرادته ولكنه لا يخرج على قضاء الله وقدره.
وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة.

القسم الثاني: قوم لم يؤمنوا بالقدر ، وقالوا إن الإنسان حر حرية كاملة في تصرفاته وهو الذي يخلق فعله ولم يخلقه الله وليس لله سبحانه وتعالى تدخل في أفعال العباد. وهؤلاء هم القدرية ، نفاة القدر ، مجوس هذه الأمة عن ابن عمر مرفوعاً(القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم) رواه أبو داود(٤٦٩١) بسند منقطع
وله شاهد عن حذيفة بن اليمان رواه أبو داود(٤٦٩٢) وفي سنده ضعف. وله شاهد آخر عن جابر بن عبدالله رواه ابن ماجه(٩٢) وفيه ضعف.
قال الحافظ العلائي كما في اللآلي المصنوعة(١/٢٥٩): ينتهي بمجموع طرقه إلى درجة الحسن الجيد المحتج به إن شاء الله.اهـ
وحسن الألباني حديث ابن عمر بمجموع طرقه في صحيح الجامع(٤٤٤٢)
وسموا القدرية مجوس هذه الأمة لقولهم إن العبد يخلق فعله ، والمجوس قالوا إن الشر له خالق والخير له خالق ، فكلاهما جعلوا خالقاً مع الله.
قال العلامة صالح الفوزان في شرح الطحاوية(٢٧٢): الإيمان بالقضاء والقدر يدخل في توحيد الربوبية ، لأنه من أفعال الله عز وجل فمن جحد القضاء والقدر لم يكن مؤمناً بتوحيد الربوبية.اهـ

القسم الثالث: قوم قالوا إن العبد مجبور على فعله ، وهو كالآلة أو كالريشة يحركها الهواء أي أن العبد ليس له فعل حقيقة بل هو يتحرك بدون إرادته . وهؤلاء هم الجبرية.
قال العلامة هراس في شرح الواسطية(٢٣٠):
الجبرية غلوا في إثبات القدر حتى أنكروا أن يكون للعبد فعل حقيقة بل هو في زعمهم لا حرية له ولا اختيار ولا فعل كالريشة في مهب الريح وإنما تسند الإفعال إليه مجازاً ، فاتهموا ربهم بالظلم وتكليف العباد بما لا قدرة لهم عليه ومجازاتهم على ما ليس من فعلهم واتهموه بالعبث في تكليف العباد وأبطلوا الحكمة في الأمر والنهي ، ألا ساء ما يحكمون.اهـ

وقول عدنان إبراهيم( إن الإيمان بالقدر فرق الأمة)
هذا قول باطل ، أين الأمة التي تفرقت بالقدر ، بل الأمة مجمعة على الإيمان بالقدر خيره وشره وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة كما مر ، ولا يعتد بمخالفة أهل الأهواء والبدع من القدرية النفاة والجبرية الغلاة فهؤلاء لا عبرة بخلافهم ، ولا ينقض قولهم الإجماع ، بل نتبرئ منهم ومن أقوالهم الضالة المخالفة للكتاب والسنة والإجماع.
قال يحيى بن يعمر لعبدالله بن عمر: يا أبا عبدالرحمن إنه ظهر قِبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أُنف!
قال ابن عمر:( فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني ، والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر) رواه مسلم(١)
وينبغي تبين حالهم للناس لكي لا يغتر بهم أحد فيضل كما ضلوا.
قال أحمد حدثنا أبو جعفر الحذاء قال: قلت لسفيان بن عيينة: إن هذا يتكلم في القدر أعني إبراهيم بن أبي يحيى ، قال: عرفوا الناس بدعته وسلوا ربكم العافية.
(العلل ومعرفة الرجال لأحمد-١/٢٩٧)

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٢٤هـ
______________________________

الرد الرابع والعشرون: على عدنان إبراهيم في إنكاره عذاب القبر وأنه ليس حقيقياً.

ينكر عدنان إبراهيم عذاب القبر ، ويدعي أنه ليس حقيقياً والعذاب الحقيقي عذاب يوم القيامة فقط.

يجاب عليه:

أن عذاب القبر حق دل عليه الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً)
يعني في قبورهم ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب)

وقال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً) قيل في قبره ( ونحشره يوم القيـٰمة أعمى)

وقال تعالى ( سنعذبهم مرتين) يعني في قبورهم
(ثم يردون إلى عذاب عظيم) يعني يوم القيامة.

- السنة:
الأحاديث الواردة في عذاب القبر كثيرة جداً بلغت حد التواتر منها في الصحاح ومنها في السنن والمسانيد والمعاجم.

قال الإمام ابن القيم في الروح(٥٢): أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير كثيرة متواترة.اهـ

قال العلامة الحكمي في معارج القبول(٢/٨٨١): وأما نصوص السنة في إثبات عذاب القبر فقد بلغت الأحاديث في ذلك مبلغ التواتر إذ رواها أئمة وحملة الحديث ونقاده عن الجم الغفير والجمع الكثير من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام منهم: أنس وابن عباس والبراء وعمر وابن عمر وعائشة وأسماء وأبوأيوب الأنصاري وأم خالد وأبوهريرة وأبوسعيد الخدري وسمرة بن جندب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمرو ، وعمرو بن العاص وأم مبشر وأبو قتادة وابن مسعود وأبو طلحة وعبدالرحمن بن حسنة وتميم الداري وحذيفة وأبو موسى الأشعري والنعمان بن بشير وعوف بن مالك.اهـ

-الإجماع:
نقل الإجماع في إثبات عذاب القبر غير واحد
من الأئمة.

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث(١٤):
أصحاب الحديث كلهم مجمعون على الإيمان بعذاب القبر.اهـ

وقال الحافظ ابن أبي حاتم الرازي في عقيدة الرازيين(١٢١): سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك
فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويماناً فكان من مذهبهم:
وعذاب القبر حق ومنكر ونكير حق.اهـ

وقال الإمام ابن زمنين في أصول السنة(١٥٤):
وأهل السنة يؤمنون بعذاب القبر قال عزوجل(فإن له معيشة ضنكاً) وقال( سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم).اهـ

قال العلامة ابن القيم في الروح(٥٧) عن عذاب القبر: هذا متفق عليه بين أهل السنة.اهـ

ولا ينكر عذاب القبر إلا ضال مضل ، أضل نفسه ويسعى لإضلال غيره ، (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها).

قال المروذي قال الإمام أحمد: عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.( الروح لابن القيم-٨٠)

وقال الإمام الآجري في الشريعة(٣٨٠) بعد أن ذكر أحاديث عذاب القبر ، قال: ما أسوأ حال من كذب بهذه الأحاديث لقد ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً مبيناً.اهـ

وأنكر جماعة من المعتزلة أمثال ضرار بن عمرو ويحيى بن كامل عذاب القبر وهو قول بشر المريسي رأس المعتزلة ، وأعرض هؤلاء عن الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ، وهذا شأن أهل الأهواء والبدع ومن هو على شاكلتهم ، يردون الأدلة الشرعية يكذبونها تارة ويأولونها تارة ولا يقبلونها إذا كانت لا توافق مذاهبهم الباطلة.

وأنكر الملاحدة والزنادقة عذاب القبر وقالوا:
لو نبشنا القبر لم نر العذاب وهذا يدل على عدم وجود عذاب القبر.
ويجاب عليهم بأمرين:
الأول: أن ما أخبرت به الرسل حق لا ريب فيه.
الثاني: أن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا ، فليس عذاب القبر ونعيمه مثل العذاب والنعيم الدنيوي المحسوس.

وقول عدنان إبراهيم(عذاب القبر ليس حقيقياً)

هذا قول جماعة من المعتزلة ويجاب عليه:
بأن عذاب القبر عذاب حقيقي يحصل لروح الميت وبدنه كما دل على ذلك الدليل الشرعي والإجماع.

قال ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام مر بقبرين فقال( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) رواه البخاري(٢١٦) ومسلم(٢٩٢)

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال خرج رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد وجبت الشمس فسمع صوتاً فقال( يهود تعذب في قبورها) رواه البخاري(١٣٧٥) ومسلم(٢٨٦٧)

وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب(ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) رواه البخاري(٦٣٦٦) ومسلم(٥٨٦)

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي قتادة لما وفّى دين المدين( الآن بردت عليه جلده) رواه أحمد(٣/٣٣٠) قال الهيثمى فى المجمع (٣/٣٩)رواه أحمد والبزار وإسناده حسن.

قال شيخ الإسلام (٤/٢٨٢): العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة.اهـ

- ضمة القبر:
ضمة القبر حق وليست من عذاب القبر.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال : (إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيًا منها نجا منها سعد بن معاذ)
رواه أحمد(٦/٥٥)
وقال العراقي في تخريج الإحياء(٥/٢٥٩): إسناده جيد ، وقال الذهبي في السير(١/٢٩١): إسناده قوي وقال الألباني في الصحيحة(١٦٩٥)
الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح.

قال الحافظ الذهبي في السير(١/٢٩٠): هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء بل هي أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقده ولده وحميمه في الدنيا.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٢٥هـ
_____________________________

الرد الخامس والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم بطعنه في علماء السلف.

اعتاد عدنان إبراهيم في محاضراته وخطبه الطعن والتجريح في أئمة السلف أهل الحديث والأثر أهل الفقه والنظر.

ولا شك أن العلماء هم ورثة الأنبياء ، ورثوا العلم وعملوا به علموه ، والطعن بهم طعن بالعلم الذي حملوه.
وهم أولياء الله ، ومَن حاربهم فقد حارب الله
كما جاء في الحديث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( إن الله قال: من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب) رواه البخاري(٦٥٠٢)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٤٣٠):
قوله( من عادي لي ولياً) المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته ، وقد استشكل وجود أحد يعاديه لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه ، وأُجيب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلاً بل قد تقع بغض ينشأ عن التعصب كالرافضي في بغضه لأبي بكر ، والمبتدع في بغضه للسني فتقع المعاداة من الجانين.اهـ

- بغض العلماء علامة أهل البدع:
من المعلوم أن الطعن بعلماء السلف ، علامة من علامات أهل الزيغ والأهواء ، الذين أعرضوا عن السنن وطعنوا بأهلها وتمسكوا بالبدع وأثنوا على أهلها.

قال أبو إسماعيل الترمذي: سمعت أحمد وقال له رجل: إن رجلاً قال: إن أصحاب الحديث قوم سوء ، فقال أحمد: هذا زنديق.
(الآداب الشرعية لابن مفلح-٢/٤٠)

وقال الإمام أبو حاتم الرازي: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر.
(شرح أصول الاعتقاد للاكائي-٢/١٧٩)

وقال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف(٢٩٩): وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي عليه الصلاة والسلام واحتقارهم لهم وتسميتهم إياهم: حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة ، اعتقاداً منهم في أخبار رسول الله عليه الصلاة والسلام أنها بمعزل عن العلم وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم ، من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة وهواجس قلوبهم الخالية من الخير العاطلة وحججهم بل شبههم الداحضة الباطلة.اهـ

- حب العلماء علامة أهل السنة:
علامة أهل السنة حبهم لعلماء أهل السنة والترحم عليهم وتوقيرهم ، والاعتراف بفضلهم ، ومعرفة قدرهم ، والاعتذار لهم إذا وقع منهم خطأ أو زلل.

عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر ويعرف لعالمنا حقه)
رواه أحمد(١/٢٥٧) والترمذي(١٩٨٦) وصححه ابن حبان(١٩١٣)
وله شاهد عن عبدالله بن عمرو ، رواه أحمد(٢/٢٠٧) والترمذي(١٩٨٥)وصححه
وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت ، رواه أحمد(٥/٣٢٣) والحاكم(١/١٢٢)

قال طاوس رحمه الله( من السنة أن يوقر أربعة: العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد )
ذكره البغوي في شرح السنة(١٣/٤٣)

وقال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف(٣٠٧): وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها.اهـ

- لا كرامة لمن يطعن بالسلف:
من ثبت عنه السب واللعن والطعن في علماء أهل السنة ، يهجر ولا يجالس ولا يؤخذ عنه علم ولا يسمع لكلامه ولا كرامة له.

قال الإمام عبدالله بن المبارك: لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت فإنه يسب السلف.
رواه أحمد في العلل ومعرفة الرجال(٢/٢٧٨)

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٣٠هــ
________________________________________


الرد السادس والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم في طعنه بالصحابة


عدنان إبراهيم معروف بطعنه وسبه للصحابة الكرام فتجده تارة يطعن في عمر رضي الله عنه وتارة في أبي هريرة رضي الله عنه وتارة في عثمان رضي الله عنه وتارة في معاوية رضي الله عنه وتارة في عائشة رضي الله عنها وتارة في غيرهم من الصحابة رضي الله عنه ، وهذا شأن أهل الأهواء الطعن والسب في الصحابة الكرام رضي الله عنهم.

ولا شك أن الصحابة رضي الله عنهم ، خير الناس بعد الأنبياء والرسل لقوله عليه الصلاة والسلام:(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
رواه البخاري(٢٥٠٩)

وقد دل على فضلهم علو مكانتهم وعظم قدرهم الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى( والسـٰبقون الأولون من المهـٰجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسـٰن رضي الله عنهم ورضوا عنه )

وقال تعالى( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثـٰبهم فتحاً قريباً)

وقال تعالى( لا يستوي منكمـ من أنفق من قبل الفتح وقـٰتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقـٰتلو وكلا وعد الله الحسنى)

- السنة:
عن جابر رضي الله عوه قال أخبرتني أم مبشر رضي الله عنها أنها سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول عند حفصة
(لايدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها)
رواه مسلم(٤/١٩٤٣)

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام(لايدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة)
رواه أبو داود(٤٦٥٣) والترمذي(٤١٣٣) وصححه.

وعن علي رضي الله عنه مرفوعاً( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) رواه مسلم (٢٤٩٤)

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعاً( خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
رواه البخاري(٣/١٥١) ومسلم(٤/١٩٦٤)

-الإجماع:
قال شيخ الإسلام في الفتاوى العراقية(١/١١١):
وقد اتفق المسلمون على أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام خير طبقات الأمة.اهـ

- الصحابة رضي الله عنهم حملة القرآن والسنة ، والطعن بهم طعن في القرآن والسنة.

قال الإمام أبو زرعة الرازي: فإذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ فأعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول ﷺ عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله ﷺ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة.
(الكفاية للخطيب-٩٨)

قال الإمام النسائي: فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام.
(تهذيب الكمال للمزي-١/٣٣٩)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى العراقية(١/١٣٩):
وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون فالقدح فيهم قدح في القرآن والسنة.اهـ

- والطعن بالصحابة رضي الله عنهم طعن في الله ، لأنه عزوجل اختار لنبيه عليه الصلاة والسلام صحبة غير صالحة ، والطعن بالصحابة رضي الله عنهم طعن بالنبي عليه الصلاة والسلام لأنه صاحب صحبة غير صالحة.

قال الإمام مالك - عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة - قال: إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي ﷺ، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحون.
(الصارم المسلول-٥٨٠)

- ومن يطعن بالصحابة فإنه امرؤ سوء لا خير فيه ويتهم على الإسلام.

قال الإمام مالك: الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس لهم إسم أو قال نصيب في اﻷسلام.
( السنة للخلال-٢/٥٥٧)

وقال الإمام أحمد: إذا رأيت رجلًا يذكر أحدًا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام.
(البداية والنهاية لابن كثير-٨/١٤٢)

وقال ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: وسئل عن يونس بن خباب؟ فقال: ليس بثقة ، كان يشتم أصحاب النبي ، ومن يشتم أصحاب النبي فليس بثقة.
(سؤالات ابن الجنيد لابن معين-١١٤)


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي
___________________________________
الرد السابع والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره حد الردة.

قال عدنان إبراهيم: لم يرد بكتاب الله حد الردة ، ولا يجوز لنا قتل الناس بغير دليل من كتاب الله والله يقول ( لا إكراه بالدين ) ويقول (لكم دينكم ولي دين)

ويجاب عليه :

بأن حد الردة حكم شرعي دل عليه النصوص الشرعية والإجماع.
والردة هي الرجوع عن دين الإسلام إلى الكفر.
فمن ارتد عن الإسلام وهو بالغ عاقل مختار من الرجال أو النساء يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وقد دل على قتل المرتد النص والإجماع.

- النص:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه - قال في رجل أسلم ثم تهود - لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فأُمر به فقتل)
رواه البخاري(٦٩٢٣) ومسلم(١٧٣٣)
وفي رواية لأبي داود(٤٣٥٥) (وكان قد استتيب قبل ذلك)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( من بدل دينه فاقتلوه)
رواه البخاري(٦٩٢٢)

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري(٦٤٨٤)ومسلم(١٦٧٦)

وعن سعيد بن عبدالعزيز ( أن أبا بكر رضي الله عنه قتل أم قرفة الفزارية في ردتها) رواه الدارقطني(٣١٧٧) وقال الصنعاني في السبل(٣/٤١٧): حديث حسن.

وعن علي رضي الله عنه قال(كل مرتد عن الإسلام مقتول إذا لم يرجع ذكراً أو أنثى) رواه الدارقطني(٣١٩٥) بسند حسن.

- الإجماع:

قال الإمام ابن قدامة في المغني(٨/٨٧):
أجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد ، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد وغيرهم ولم ينكر ذلك فكان إجماعاً.اهـ

ونقل الإجماع أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج(١/٣٠٧)

- وقتل المرتد إلى الإمام - أي ولي أمر المسلمين - لا لغيره من عامة الناس ، فإن الإمام هو الذي يقيم الحدود.

- وأما قوله تعالى( لا إكراه بالدين )
معناه: لا نكره أحداً من الكفار على الإسلام.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره(١/٦٨٢): قوله( لا إكراه بالدين ) أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه.اهـ

وأما من أسلم ثم ارتد عن الإسلام فإنه يستاب وإلا قتل ، كما دلت عليه النصوص الشرعية ، والآية في الكافر الأصلي لا المرتد.

- وقوله تعالى(لكم دينكم ولي دين)
معناه: لكم دينكم الكفري الذي أصررتم على اتباعه ولي ديني ، وهذا تهديد لهم وليس اقراراً لهم على دينهم الكفري.


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٧/٤هـ
_______________________________
الرد الثامن والعشرون: على عدنان إبراهيم بإنكاره حد الرجم.


قال عدنان إبراهيم: لم يرد بكتاب الله الرجم للزاني المحصن ، والعبرة بالقرآن فقط.

وافق عدنان إبراهيم ، الخوارج في عدم رجم الزاني المحصن.
ووافق القرآنيين ، بعدم الاحتجاج بالسنة.
وقوله مخالف للنصوص الشرعية والإجماع.

ويرد عليه بما يلي:

الزنى هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر.
وهو من كبائر الذنوب.
والزنى على نوعين:
الأول: الزاني المحصن.
المحصن: هو من وطيء زوجته في قبلها بنكاح صحيح.

وحد المحصن إذا زنى الرجم إذا كان مكلفاً مختاراً ، دل عليه النص والإجماع.

- النص:
أحاديث رجم الزاني المحصن كثيرة جداً تكاد تبلغ التواتر إن لم تكن متواترة منها:

عن علي رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة قال( قد رجمتها بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام) رواه البخاري(٦٨١٢)

وعن الشيباني قال سألت عبدالله بن أبي أوفى هل رجم رسول الله عليه الصلاة والسلام؟
قال( نعم) رواه البخاري(٦٨١٣)

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه (أن رجلاً من أسلم أتى رسول الله عليه الصلاة والسلام فحدثه أنه قد زنى فشهد على نفسه أربع شهادات فأمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام فرجم وكان قد أحصن) رواه البخاري(٦٨١٤)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال( أتى رجل رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت ، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: أبك جنون قال: لا ، قال: فهل أحصنت ، قال: نعم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: اذهبوا به فارجموه) رواه البخاري(٦٨١٥) ومسلم(١٦٩١)

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال( أتي رسول الله عليه الصلاة والسلام بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعاً فأمر بهما رسول الله عليه الصلاة والسلام فرجما) رواه البخاري(٦٨١٩) ومسلم(١٦٩٩)

وعن البراء بن عازب رضي الله قال(مر على النبي عليه الصلاة والسلام بيهودي محمماً مجلوداً فدعاهم عليه الصلاة والسلام ...فأمر به فرجم)
رواه مسلم(١٧٠٠)

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال(لما أتى ماعز بن مالك النبي عليه الصلاة والسلام قال له:لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ، قال لا يا رسول الله ، قال: أنكتها؟ قال فعند ذلك أمر برجمه) رواه البخاري(٦٨٢٤)

وعن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا(كنا عند النبي عليه الصلاة والسلام فقام رجل فقال:
أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله ، فقام خصمه فقال: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي ، فقال( قل ) قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته..) فقال النبي عليه الصلاة والسلام(والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله على ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)
رواه البخاري(٦٨٢٧)

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري(٦٤٨٤)ومسلم(١٦٧٦)
قال العلامة الحصني في كفاية الأخيار(٢/٥٦٧): أجمعوا على أن المراد بالثيوبة هنا هو الوطء في النكاح الصحيح.اهـ

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي عليه الصلاة والسلام فرجمه) رواه مسلم(١٦٩٢)

وعن عمر رضي الله عنه قال(إن الله تعالى بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله عليه الصلاة والسلام ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله
حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف) رواه البخاري(٦٨٢٩) ومسلم(١٦٩١) زاد أبو داود(٤٤١٨) (وايم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله ، لكتبتها)

وعن أبي سعيد رضي الله عنه ( أن رجلاً من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال:إني أصبت فاحشة... فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن نرجمه) رواه مسلم(١٦٩٤)

وعن سلمان بن بريدة عن أبيه ( جاء ماعز بن مالك إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله طهرني... فأمر به فرجم... ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني ...فرجمها ) رواه مسلم(١٦٩٥)

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه (أن امرأة من جهينة أتت النبي عليه الصلاة والسلام وهي حبلى من الزنى ، فقالت:يا نبي الله أصبت حداً فأقمه علي ، فدعا وليها فقال:أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ، ففعل فأمر بها نبي الله عليه الصلاة والسلام فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت) رواه مسلم(١٦٩٦)

-الإجماع:

قال الإمام ابن قدامة في المغني(٨/١١٠):
في وجوب الرجم على الزاني المحصن رجلاً كان أو امرأة قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار.اهـ

ونقل الإجماع أيضاً الحافظ النووي في شرح مسلم(١٠٨٥)
وشيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج(٤/٥٨٧)
والعلامة الحصني الشافعي في كفاية الأخيار(٢/٥٦٦)
والإمام الصنعاني في السبل(٣/٤١٦)

- ويثبت حد الزنى بشهادة أربعة شهداء
أو الاعتراف أو قرينة حمل ، عند عامة العلماء.

- ومن زنا فيما دون الفرج عزر ولا يحد.
لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال(كنت عند النبي عليه الصلاة والسلام فجاءه رجل فقال يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي ، قال ولم يسأل عنه ، قال:وحضرت الصلاة فصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام فلما قضى النبي عليه الصلاة والسلام قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقم فيّ كتاب الله قال:أليس قد صليت معنا؟ قال:نعم ، قال:فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك) رواه البخاري(٦٨٢٣)

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال(لما أتى ماعز بن مالك النبي عليه الصلاة والسلام قال له:لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت) رواه البخاري(٦٨٢٤)

والثاني: الزاني غير المحصن.
وحده مائة جلدة وتغريب عام. دل عليه الكتاب والسنة والإجماع.

قال تعالى( الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)

قال زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام (يأمر فيمن زنى ولم يحصن: جلد مئة وتغريب عام) رواه البخاري(٦٨٣١) وفي الباب عن أبي هريرة رواه البخاري(٦٨٣٣)

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ) رواه مسلم (١٦٩٠)

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى(٤/٣٠٧):
ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف أن الزاني غير المحصن يجلد ولا يقتل.اهـ

ومن زنى ببهيمة عزر ولا يحد في أصح قولي العلماء ، وكذا إذا فعلت المرأة السحاق عزرت.
ومن فعل اللواط يحد على الصحيح من أقوال العلماء.


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٧/٥هــ
_______________________________________________
الرد التاسع والعشرون:على عدنان إبراهيم بعدم الاحتجاج بالسنة.

قال عدنان إبراهيم:( العبرة بالقرآن فقط وأما السنة فلا...)

يجاب عليه:

السنة لغة الطريقة والسيرة ، قال لبيد في معلقته: ((من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها)). أي طريقة يسيرون عليها.

واصطلاحاً: ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.

فكل ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية
يسمى سنة عند المحدثين.

والسنة النبوية هي الأصل الثاني من أصول الشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم وهي وحي أوحى الله عزوجل به إلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.

قال الله تعالى عن نبيه محمد عليه الصلاة والسلام (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(٧/٤٤٣):
قوله(وما ينطق عن الهوى) أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض (إن هو إلا وحي يوحى) أي إنما يقول ما أُمر به يبلغه إلى الناس كاملاً موفراً من غير زيادة ولا نقصان.اهـ

وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان(٧/٤٦٢): قوله(إن هوى إلا وحي يوحى) معناه أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يبلغ عن الله إلا شيئاً أوحى الله إليه أن يبلغه فمن يقول إنه شعر أو سحر أو كهانة أو أساطير الأولين هو أكذب خلق الله وأكفرهم ، ولا ينافي ذلك أنه أذن للمختلفين عن غزوة تبوك وأسر الأسارى يوم بدر واستغفر لعمه أبي طالب من غير أن ينزل عليه وحي خاص في ذلك ، وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضع.اهـ

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال(لا أقول إلا حقاً)
رواه أحمد(٢/٣٤٠) والترمذي(١٩٩٠) وصححه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً:كتاب الله وسنتي)
رواه مالك بلاغاً(٢/٨٩٩) وقال ابن عبدالبر في التمهيد(٢٤/٣٣١): هذا محفوظ معروف مشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام عند أهل العلم شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد.اهـ
ورواه الحاكم في المستدرك(١/٩٣) متصلاً وصححه الألباني في صحيح الجامع(٢٩٣٧)

وقال الخطيب في الكفاية(٨): باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام في وجوب العمل ولزوم التكليف.
وساق بسنده (٥) عن المقدام بن معديكرب رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا وإن ما حرم رسول الله عليه الصلاة والسلام مثل ما حرم الله عزوجل).اهـ

الحديث رواه الترمذي(٢٦٦٤) وحسنه ورواه ابن ماجه(١٢) وصححه الألباني.

وعن أبي رافع رضي الله عنه مرفوعاً( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول:لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) رواه الترمذي(٢٦٦٨) وقال:حديث حسن صحيح. وصححه الألباني.

وفي الحديث دلالة واضحة في ذم من أعرض عن السنة واكتفى بالقرآن كالقرآنيين والخوارج ومن سلك مسلكهم.

قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي(٧/٧٦): وهذا الحديث من دلائل النبوة وعلامة من علاماتها فقد وقع ما أخبر به فإن رجلاً قد خرج من البنجاب من إقليم الهند وسمى نفسه بأهل القرآن ، وشتان بينه وبين أهل القرآن ، بل هو من أهل الإلحاد وكان قبل ذلك من الصالحين فأضله الشيطان وأغواه وأبعده عن الصراط المستقيم فتفوه بما لا يتكلم به أهل الإسلام فأطال لسانه في رد الأحاديث النبوية بأسرها.اهـ

وقال العلامة الفوزان في شرح أصول الإيمان(٣٦٧): وهذا الحديث من معجزاته عليه الصلاة والسلام حيث أخبر عن شيء سيحصل وحصل كما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام أنه يأتي أناس مترفون على أرائكهم لا يجدون في طلب العلم وإذا ذكر لهم حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأنه لا يعمل إلا بما في القرآن الكريم فما كان فيه من حلال أو حرام أخذ به ، وأما أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام فهي محل شك عندهم من حيث أسانيدها ورواتها ومتونها فهؤلاء لا يقبلون إلا ما جاء في القرآن الكريم بحجة أنه متواتر وأما السنة فأكثرها آحاد وليست متواترة فيتركونها فهؤلاء ونحوهم يسمون بالقرآنيين الذين يدعون العمل بالقرآن فقط وهي فرقة معروفة في الهند وفي غيرها ، ومثلهم الخوارج الذين ينكرون السنة ويدعون بأنهم لا يعملون إلا بما جاء في القرآن الكريم ، لأنهم جهال بالسنة ولهذا يشككون في أسانيد الأحاديث المتضمنة للسنة فيطعنون في رواتها وحفاظها.اهـ

والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن الحديث إذا صح أفاد العلم والعمل ما لم يكن منسوخاً ، سواء كان متواتراً أو آحاداً ، لأنه وحي من الله عزوجل

قال حسان بن عطية (كان جبريل عليه السلام ينزل على النبي عليه الصلاة والسلام بالسنة كما ينزل بالقرآن) رواه أبو داود في المراسيل(٣٦١) والدارمي في مسنده(٦٠٨) وابن بطة في الإبانة(٢١٩)

وروى مسلم في صحيحه(٢٤٠٨) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعاً( وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا كتاب الله وتمسكوا به)

قال العلامة الفوزان في شرح أصول الإيمان(٣٠٩): قوله(وأولهما كتاب الله فيه الهدى والنور) وتدخل فيه السنة فهي من كتاب الله عزوجل وهي الوحي الثاني ، فالوصية بكتاب الله وصية بالسنة أيضاً لأن الله تعالى يقول(وما ءاتـٰكم الرسول فخذوه وما نهـٰكم عنه فانتهوا) فالسنة من عند الله عزوجل وهي وحي أوحاه الله إلى رسوله عليه الصلاة والسلام.اهـ

-السنة النبوية تفسر القرآن وتبينه:

السنة النبوية تبين ما أُجمل من القرآن وتفسره
وقد ، بوب الإمام الدارمي في مسنده - باب السنة قاضية على كتاب الله تعالى.
وساق بسنده(٦٠٧) عن يحيى بن أبي كثير قال(السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة)

وروى ابن عبدالبر في الجامع(١٧٠١) عن مكحول قال: (القرآن أحوج إلى السنة من القرآن إلى السنة).
يعني أن السنة النبوية تفسر القرآن وتبينه
مثاله قوله تعالى( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)
بيين لنا النبي عليه الصلاة والسلام صفة الصلاة وشروطها وبيين لنا نصاب الزكاة والأصناف الزكوية وغير ذلك مما لم يذكر في القرآن الكريم.

قال الإمام ابن عبدالبر في الجامع(٥١٦): والبيان منه عليه الصلاة والسلام على ضربين:
- بيان المجمل في الكتاب: كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها وكبيانه لمقدار الزكاة ووقتها وما الذي يؤخذ منه من الأموال وبيانه لمناسك الحج ، لأن القرآن إنما ورد بجملة فرض الصلاة والزكاة والحج والجهاد دون تفصيل ذلك.
- وبيان آخر: وهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وكتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع ، إلى أشياء يطول ذكرها.اهـ

قال الإمام الشاطبي في الاعتصام(١/١٠٧):
فإن السنة جاءت مفسرة للكتاب فمن أخذ بالكتاب من غير معرفة بالسنة زل عن الكتاب كما زل عن السنة.اهـ

- خطر من رد السنة:

قال سعيد بن جبير قال ابن عباس رضي الله عنهما ( تمتع النبي عليه الصلاة والسلام - أي متعة الحج - فقال عروة بن الزبير: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ،
فقال ابن عباس: ما يقول عُرية؟ قال:يقول:نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس: أُراهم سيهلكون أقول قال النبي عليه الصلاة والسلام ويقولون نهى أبو بكر وعمر)
رواه أحمد(٣١٢١) وصححه أحمد شاكر.

قال الإمام أبو داود في مسائله(٢٧٦) : قال الإمام أحمد( من رد حديث النبي عليه الصلاة والسلام فهو على شفا هلكة )



كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٧/١٠هـ
_______________________________________
الرد الثلاثون: على عدنان إبراهيم في انكاره الصراط.
قال عدنان إبراهيم: ( ذكر الصراط لم يأت في القرآن الكريم وإنما ورد في آحاديث آحاد وأحاديث الآحاد لا تؤخذ منها عقيدة )

يجاب عليه:
بأن الصراط حق لا ريب فيه.
وهو بكسر الصاد لغة : الطريق الواضح.
وشرعاً: جسر منصوب على متن جهنم يمر عليه الناس على قدر أعمالهم.

وجاء في وصف الصراط أنه : أحدّ من السيف ، وأدق من الشعر ، دحض مزلة ، يمر عليه الناس على قدر أعمالهم ، منهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم من يمر كركاب الإبل ومنهم من يعدوا عدواً ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً وعلى حافتي الصراط كلاليب تخطف الناس.

ودل على وجوب الإيمان بالصراط الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى ( وإن منكمـ إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظـٰلمين فيها جثياً )
قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله(وإن منكم إلا واردها) قال: الصراط على جهنم مثل حد السيف) رواه ابن جرير في تفسيره(١٦/١١٠)

- السنة:
أحاديث الصراط كثيرة رواها جمع من الصحابة منهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وأنس وابن مسعود وأبي بن كعب وثوبان وعائشة رضي الله عنهم ، وأحاديثهم مخرجه في الصحاح والسنن والمسانيد.

ونص شيخ الإسلام في الفتاوى(١٦/٤٦٣) على تواتر أحاديث الصراط.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم ، قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟
قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم). رواه البخاري(٧٤٣٩) ومسلم(١٨٣)

-الإجماع:
أجمع أهل السنة والجماعة على وجوب الإيمان بالصراط وأنه حق لا ريب فيه.
ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم منهم
ابن أبي حاتم في عقيدة الرازيين(١٠)

وقال أبو الحسن الأشعري في رسالة إلى أهل الثغر(٢٨٦): وأجمعوا على أن الصراط جسر ممدود على جهنم يجوز عليه العباد بقدر أعمالهم.اهـ

وقال ابن بطة العكبري في الشرح والإبانة(٢٠١): ونحن الآن ذاكرون شرح السنة ... مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة...ثم الإيمان بالبعث والصراط.اهـ

وقال السفاريني في اللوامع(١/١٩٠): اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة.اهـ

- وأول من يعبر الصراط من الأمم أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وأما الكفار فإنهم لا يعبرون عليه بل يساقون إلى جهنم.

قال الحافظ ابن رجب في التخويف من النار(١٧١): المشركون لا يمرون على الصراط وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط ، ويدل على ذلك ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام
قال( يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيتبع الشمس من يعبدها ويتبع القمر من يعبد القمر ويتبع الطواغيت من يعبد الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها)فذكر الحديث إلى أن قال(ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه).اهـ

وقال العلامة ابن باز في شرح الواسطية(٩١):
المؤمنون يردون الصراط وينجون وغير المؤمن لا يرده أصلاً ولا يمر عليه بل يساق إلى جهنم.اهـ

وقال العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب(١/٢٦٨): وأما الكافرون فإنهم لا يعبرون على هذا الصراط بل يحشرون إلى جهنم ورداً.اهـ

وقال لي العلامة الفوزان: الصراط يمر عليه المسلمون وأما الكفار فلا يمرون عليه.اهـ

- إنكار الصراط:
وأنكر الصراط المعتزلة والجهمية وغيرهم من أهل الزيغ والضلال ممن يرد النصوص الشرعية والإجماع ولا يحتج بها.
قال السفاريني في اللوامع(١/١٩٠): وأنكر الصراط القاضي عبدالجبار المعتزلي وكثير من أتباعه.اهـ

- حكم من أنكر الصراط:
قال العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب(١/٢٦٨): حكم من أنكر وجود الصراط إن كان جاهلاً فإنه يعلم حتى يتبين له ، فإذا بلغ بالأحاديث الواردة في ذلك فإنه يجب عليه أن يعتقده فإن أنكره مع علمه أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر به كان مرتداً كافراً لتكذيبه رسول الله عليه الصلاة والسلام.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٧/٣٢هـ